|
الجزيرة - الرياض:
إسهامًا منها في توثيق بعض آثار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان - رحمه الله رحمة واسعة - وأقواله وما قيل عنه في الكتب والصحف والمجلات ووفاء لهذه الشخصية القديرة والمميزة، وتخليدًا لمآثره؛ أصدرت مكتبة الملك فهد الوطنية كتابًا بعنوان: (سلطان بن عبد العزيز آل سعود: ترجمة لحياته وتوثيق لآثاره وما كتب عنه).
جاء الكتاب في (362) صفحة من القطع الكبير، ضمن إصدارات السلسلة الثالثة في المكتبة، التي تختص بنشر الببليوجرافيات والكشافات والفهارس والأدلة.
استهل الكتاب بتقديم مسهب سطره يراع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع، ورئيس مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية، وأنيس أخيه سلطان في مرضه وقبيل وفاته، واستذكر سموه أخاه الراحل الكبير بكلمات ملؤها الحب والوفاء، والإخلاص والاحترام، فقد قال: (فإن من أجلّ الأمور أن يقف المرء موقفًا يذكر فيه مناقب الأمير سلطان بن عبد العزيز، أو يستذكر مآثره، أو يعدد أعماله الخيِّرَة على مر السنين.
إن مآثر سلطان وأعماله الخيرية دليل على أن ذكراه باقية في قلوبنا لا تنسى، فقد قلت عنه ذات مرة: «إنه مؤسسة الخير»، للدلالة على حبه لفعل الخير وارتباطه به).
وقاله سموه عن هذا الكتاب: «إنني لأعد تقديمي لهذا الكتاب مشاركة متواضعة مني، في تقديم هذا العمل عن أخي سلطان، الذي ربطتني به علاقة محبة واحترام، فلقد كنا متحابين متآخين، وسأبقى وفيًا لذكراه، مستذكرًا سيرته العطرة، سائرًا على خطاه، مترحمًا عليه في كل وقت وفي كل حين، وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يجعل كل أعماله الخَيِّرة في موازين حسناته».
وقد أثنى سموه الكريم على جهود مكتبة الملك فهد الوطنية في إعداد الكتاب، وشكرها على ما تبذله من جهود لتوثيق آثار قادة المملكة وإعلامها، بإصدارها الكتب التوثيقية؛ وهذا - برأي سموه - مما يعزز مكانة المكتبة ووجهها الحضاري المشرق، ودورها الوطني المشرف، ويمنحها المكانة اللائقة بها بين المكتبات المحلية والعربية، والمكتبات الوطنية العالمية.
من جهته قدر سعادة الأستاذ محمد بن عبد العزيز الراشد، أمين مكتبة الملك فهد الوطنية المكلف - في مقدمة الكتاب - ما بذله الراحل الكبير من أروع الأمثلة في البذل والعطاء الإنساني والخيري والاجتماعي، حتى كان قدوة حسنة ومثلاً إداريًا ناجحًا، وسياسيًا محنكًا، وأبًا حنونًا لكل أبناء المملكة، تشهد أعماله الخيرة على منجزاته.وقال سعادته مستذكرًا مآثر الأمير سلطان: «لقد رحل - سلطان الخير - بعد أن قدم كثيرًا من الأعمال الجليلة وحقق ما لا يحصى من الإنجازات الكبيرة، وقد تمثلت جهوده الإنسانية - رحمه الله - في دعمه لإنشاء كثير من الجمعيات الخيرية والإنسانية، ودعم جميع الأعمال الدعوية والخيرية في الداخل والخارج. فلقد كان سلطان - رحمه الله - مضرب المثل في فعل الخير، حتى قيل عنه: سلطان الخير، فما من خير إلا ولسلطان نصيب فيه، فعلاً وسبقًا، لا في رحاب المملكة فحسب، بل وفي العالم الإسلامي كله، والعالم أجمع أيضًا. بعد التقديم والمقدمة تضمن الكتاب خمسة مباحث، تناول الأول فيها ترجمة لحياة الأمير سلطان - رحمه الله - من خلال سيرته الذاتية، التي قدمتها مؤسسات علمية ومواقع إلكترونية، وصحف يومية، وغيرها من مصادر المعلومات، وما كتب عن حياته.
وهي سيرة عطرة مباركة وثرية بالعطاء والنماء، تضمنت الحديث عن مولده في السادس عشر من شهر شعبان 1349هـ، الموافق للخامس من يناير 1931م، بمدينة الرياض، وسمي (سلطانًا) لأنه ولد في المدة التي بسط والده الملك عبد العزيز - رحمه الله - سلطانه على مختلف أرجاء البلاد.
وهو الابن الخامس للملك عبد العزيز من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري، وفي كنفهما نشأ وتعلم القرآن الكريم وعلوم اللغة العربية على يد كبار العلماء.
كذلك أسهب المبحث الأول في تعداد مشاركات سموه - رحمه الله - الرسمية، وعدد مناصبه التي تقلدها، ومنها رئاسته للحرس الوطني، وأميرًا للرياض، ووزيرًا للزراعة، ثم وزيرًا للمواصلات، فوزيرًا للدفاع والطيران، ونائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء، إلى أن غدا وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى مسؤولياته وزيرًا للدفاع والطيران والمفتش العام.
أما المجالس واللجان التي تولى رئاستها سموه - رحمه الله - أو نيابة رئاستها، فهي كثيرة، ومنها: رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات الحربية، والرئيس الأعلى للخزن الإستراتيجي، ورئيس اللجنة العليا لسياسة التعليم، ونائب رئيس مجلس الأمن الوطني، ونائب رئيس المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن.ولقد منح سموه - رحمه الله - عددًا كبيرًا من الشهادات التقديرية، من مؤسسات علمية وعالمية عريقة، أهمها: درع رجل البيئة الأول، عام 1996م، وجائزة الشيخ راشد للشخصية الإنسانية، عام 2002م، وعددًا من شهادات الدكتوراه الفخرية في بعض الجامعات المرموقة.
كما توشح سموه - رحمه الله - بكثير من الأوسمة والنياشين الرفيعة، كان أهمها وشاح الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، عام 1393هـ، وأعلى الأوسمة في كل من: تشاد، والسنغال، وفرنسا، وإيطاليا، وسوريا، ومصر، والكويت، والنيجر، وفنزويلا، وباكستان، والسودان، والصين الوطنية، وإندونيسيا، وتوجو، وزائير، والمغرب، والسويد وماليزيا، والدانمرك، وفلسطين، واليمن، وإسبانيا. ومنحته جريدة (الشرق) الكويتية لقب (شخصية العام الإنسانية) عام 2005م.
وبعد أن ذكر أسماء أبناء سموه توسع هذا المبحث أيضًا في الحديث أهم مؤسستين خيريتين أسسهما سموه ورعاهما، وهما:
1 - مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية: وهي مؤسسة غير ربحية أنشاها سموه، وينفق عليها منذ عام 1416هـ - 1995م، وتقدم الرعاية الاجتماعية الصحية والتأهيل الشامل لذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، وهي ترعى عددًا من المشروعات والنشاطات، أهمها: مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية، التي تعد من أكبر مدن التأهيل الطبي في العالم، وبلغت تكلفتها الإنشائية أكثر من مليار ريال سعودي، وكذلك برنامج سلطان بن عبد العزيز للاتصالات الطبية والتعليمية (ميديونت Medunet)، ومركز سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية (ساتيك Scitech)، ومشروعات مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية للإسكان، والموسوعة العربية العالمية.
2- لجنة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخاصة للإغاثة: وهي تستهدف تقديم خدمات إنسانية وإغاثية طارئة، خاصة في دول أفريقيا: كالنيجر، ومالي، وتشاد، وإثيوبيا، وملاوي، وجيبوتي.
ولم يقتصر عمله الخيري على تقديم الرعاية الصحية والاجتماعية والجانب الإغاثي، بل امتد عمله إلى دعم المشروعات العلمية والبحثية؛ لإيمانه بأهمية البحث العلمي ودوره في خدمة الإنسانية، وقد تنوع هذا الدعم ما بين مساعدات لدور العلم ومؤسساته، كجامعة الأمير سلطان الأهلية، وكلية دار الحكمة بجدة، وجامعة الملك سعود، وجامعة الأزهر، والمدرسة السعودية للأيتام في باكستان، والمؤسسة الثقافية بجنيف؛ ودعم لمشاريع الأبحاث والكراسي العلمية، مثل مشروعات أبحاث الإعاقة ومراكز المعاقين، ومراكز أبحاث وعلاج أمراض القلب، ومركز معالجة الأمراض السرطانية في المغرب، والكراسي العلمية بجامعة الملك سعود، ومركز سلطان لجراحة المناظير في كوسوفا.
وختم هذا المبحث بذكر وفاته - رحمه الله - يوم السبت 24 ذي القعدة 1432هـ، الموافق 22 أكتوبر 2011م في أمريكا، وقد نقل - رحمه الله - إلى الرياض، حيث دفن فيها يوم الثلاثاء 27 ذي القعدة 1432هـ، الموافق 25 أكتوبر 2011م. أما المبحث الثاني فكان عنوانه: «سلطان في آثار الدارسين»، وقد اختير كتاب: (لآلئ من الحب) أنموذجًا لآثار الدارسين الذين كتبوا عن الأمير سلطان، وهو كتاب علمي منهجي أصدرته مؤسسة الجزيرة للصحافة والنشر بالرياض عام 1432هـ.
وقد قام لذلك الكتاب صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، بقوله: «الأمير سلطان شاهد على عدة عصور، ومشارك في النهضة التي شهدتها المملكة خلال عهد الملك عبد العزيز وعهود إخوانه الملوك الميامين على مدى أكثر من ستين عامًا، وسيرته، مثل سيرة أخويه (فهد) و(عبد الله)، مليئة بالكفاح والدروس والعبر التي يحتاجها أبناء هذا الجيل ليعرفوا كيف كنا وكيف نحن الآن».
ونصل إلى المبحث الثالث: وهو القسم الببليوجرافي، الذي يوثق ما كتب عن الأمير سلطان من دراسات خاصة وعامة، وقد ضم هذا المبحث ألفًا وثلائمئة وأربعين تسجيلة (1340)، رتبت هجائيًا بحسب عناوينها التي نشرت بها، ومنسوبة إلى أسماء الكتاب الذين كتبوها.
وقد شملت هذه الدراسات ما نشر عن الأمير سلطان في الصحف والدوريات السعودية، وهذه الصحف هي: جريدة الجزيرة، وجريدة الرياض، وجريدة اليوم، وجريدة عكاظ، وجريدة المدينة، وجريدة الاقتصادية الإلكترونية، وجريدة الشرق الأوسط، وجريدة البلاد، وجريدة الوطن، وجريدة الحياة، وجريدة الوسط البحرينية، وجريدة الدستور الأردنية، وجريدة الوطن الكويتية.أما الدوريات فكثيرة، وهي: مجلة إمارة، ومجلة مدينة الرياض، ومجلة أحوال المعرفة، ومجلة المعرفة، والمجلة العربية، ومجلة المنهل، ومجلة رسالة الكلية، ومجلة العالم، ومجلة عالم الإعاقة، ومجلة الإغاثة، ومجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، ومجلة المبتعث، ومجلة الدفاع، ومجلة الصقور، ومجلة البيئة والتنمية، ومجلة الحرس الوطني، ومجلة (أهلاً وسهلاً)، ومجلة الفرسان، ومجلة الفيصل، ومجلة تجارة الرياض، ومجلة الحج والعمرة، ومجلة تجارة القصيم، ومجلة الخدمة المدنية.إضافة إلى الدراسات التي قدمها باحثون كرسائل علمية في الجامعات، أو نشرت في كتب مستقلة.
ويدل هذا العدد الكبير من الصحف والدوريات على غنى التغطية واتساعها.
وأما التغطية الزمانية، فقد غطى هذا الحصر الببليوجرافي ما نشر عن الأمير سلطان - رحمه الله - منذ عام 1404هـ - 1983م، حتى وفاته رحمه الله، بل وبعد وفاته بنحو أسبوع، حيث أبّنه عدد كبير من أبناء الوطن وبناته.
أما منهجية هذا الحصر الببليوجرافي فقد اتبع فيه البناء الببليوجرافي القائم على إعطاء البيانات الببليوجرافية الكاملة للمواد، وفق قواعد الفهرسة الأنجلو- أمريكية.
وضم المبحث الرابع مسردًا للأعلام الذين كتبوا المقالات والدراسات المثبتة في الحصر الببليوجرافي، وقد رتبت أسماء هؤلاء الأعلام هجائيًا، بحسب الاسم الأخير، معزوًا إلى رقم التسجيلة في الحصر الببليوجرافي، وهو يفيد في تسهيل الرجوع إلى أي تسجيلة يريدها الباحث أو المستفيد.
ونأتي إلى المبحث الخامس الذي يضم ملاحق الكتاب، وهو يضم قسمين:ملحق بالوثائق التاريخية، وملحق الصور، وتمثل جميعها مراحل تاريخية متنوعة توثق حياة الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله -.أما الوثائق فهي تضم موضوعات شتى متنوعة، منها:
مساعدته للعساكر، أو العائلات، أو للأيتام واليتيمات، ولطلبة العلم المنقطعين لطلبه. وقد تنوعت مساعدته لهم ما بين إمدادهم بالمال اللازم لهم، أو تجهيزهم بما يلزمهم في سفرهم أو في إقامتهم، وهو (الزهاب).
توجيهه بصرف متطلبات مادية، أو تعميد بصيانة أو ترميم، لبيت أو لمجلس أو قصر.
أمره بتعديل رواتب، أو صرف مستحقات، لأفراد أو شركات.
توجيه أمره بإصلاح سيارة أو مصعد، أو غيره.
بعض الأوامر الملكية الصادرة بتعيين سموه - رحمه الله - وزيرًا للزراعة، وللزراعة والمواصلات، وللدفاع، ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء.
وتظهر الوثائق التاريخية للأمير سلطان اهتمامه الشديد ورعايته للمواطنين، من خلال متابعته - رحمه الله - لحياتهم اليومية، وتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم، ومساعدة ضعيفهم ومحتاجهم.
وأما الصور فهي متنوعة كذلك، وهي تؤرخ لحياة الأمير سلطان - رحمه الله -:
فقد ظهر في اثنتين منها مع والده الملك عبد العزيز - رحمه الله -، إحداهما في أثناء زيارته لمصر سنة 1946م.وفي اثنتين أخريين مع أخيه الملك سعود، إحداها في حفل تدشين أجهزة اللا سلكي.
وفي أربع منها مع أخيه الملك فيصل، إحداها وهما يؤديان العرضة، وأخرى معهما فيها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.وتظهر خمس منها مرافقته وإخوانه الأمراء لأبيه الملك عبد العزيز إلى مصر سنة 1946م، واحدة منها مع الطلبة السعوديين المبتعثين هناك، وأخرى في زيارته للمتحف الزراعي بمصر.
وثمة صورة مع بعض ضباط الجيش السعودي، وأخرى وهو يتقلد وسامًا من قبل قائد الجيش اللبناني. ومن الصور النادرة صورة تجمعه مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، حينما كان أولهما وليًا لعهد البحرين، وثانيهما وزيرًا للدفاع القطري.كما يظهر سموه في إحدى الصور، وهو يتفقد مشروع طريق الهدا، وثانية في لقاء مع مدير الإذاعة عباس فائق غزاوي، وثالثة في مؤتمر صحفي.
وتختم الصور بصورة تجمعه بأخيه الأمير سلمان.
إن هذه الصور الثرية المتنوعة المنتقاة من محفوظات المكتبة، ضمن مركز معلومات المملكة، الذي يزخر بالصور التاريخية الوطنية - تظهر حضور الأمير سلطان - رحمه الله - ووقوفه إلى جانب إخوانه الملوك في المحافل الدولية كافة، كما تظهر نشاطه وعمله الدؤوب في تمثيل المملكة في مختلف المناسبات الوطنية والعربية والدولية.