ماذا نقول عن أب تبرأ من ابنه لأنه (مديون)، أو متعثر عن السداد؟ قد نتقبل ذلك في مسلسل مكسيكي، يحكي لنا قصة هزيلة، تشي بنقص حاد في الإنسانية.
الصورة أعلاه تشبه حد التطابق ما أعلنته الأحوال المدنية في الصحف منع تجديد الهوية الوطنية لكل مطلوب ماليًا من أي جهة حكومية، ونصه «إن دخول المراجع الأحوال المدنية وهو مدرج ضمن دائرة نظام المطلوبين مالياً، الذي يربط إدارات الأحوال المدنية في المناطق بجهات المرور، الجوازات، الاستقدام، وإمارات المناطق، يحرمه من تجديد هويته الوطنية، سواء كان فرداً أو رب أسرة، إلا أنه يجيز إضافة الزوجة والأولاد في سجل الأسرة وتقييدهم في المعاملات الأخرى»!
فإذا كان الامتناع بمنزلة عقوبة فإن ذلك يخالف المادة (38) من النظام الأساسي للحكم في المملكة، ونصها «العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي»، إضافة إلى أن نظام الأحوال المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م-7) وتاريخ 20-4-1407هـ لم يتضمن نصاً نظامياً يجيز للأحوال المدنية الامتناع عن تجديد الهوية الوطنية! وكذلك اللائحة التنفيذية للأحوال المدنية الصادرة بقرار سمو وزير الداخلية رقم (95-و ز) وتاريخ 4-3-1408 هـ؛ فلماذا اتخذت الأحوال المدنية هذا الإجراء؟ وما الفائدة العائدة منه على الوطن والمواطن؟
وفي الجانب الآخر فإن تحول الأحوال المدنية من مقدم الخدمة إلى محصل الديون تناقض يدفع ثمنه المتلاعب والمتعثر على حد سواء، وتتعطل حياة المواطن ويتعرض للمساءلة عند إبراز هويته المنتهية، ولن يستطيع التصرف بماله وحياته؛ لأن الأحوال ترفض تجديد هويته خدمة لجهات أخرى، وكان الأولى بها أن تحل مشاكلها المالية مع المتعثرين والمماطلين ولا تعرض الأحوال المدنية لهذا الموقف.
وبحسبة أخرى قد يزدهر سوق التزوير، واستغلال المتعثرين لإنجاز مصالحهم بأي ثمن، ونخرج بمعضلة جديدة يحتاج احتواؤها إلى استنفار جهات أخرى.
الهوية الوطنية حق للمواطن وحمايتها وتجديدها واجب؛ فلا بد من إعادة النظر، وحل المشكلة لا يكون بتصعيدها والبحث عن سبل الضغط، إنما بتحمل المسؤولية، كل جهة فيما يخصها دون تعليق عجزها على عاتق الأخرى.
خارج النص: قلب لا يحمل قضية ينبض لها.. مجرد أداة ضخ في موعد عاجل مع الموت.