لم يزل ذهني عاكفاً على التفكير؛ لعله يكشف سر العلاقة الوطيدة بين الرئاسة العامة لمصلحة الأرصاد وحماية البيئة ومصطلح (تشكيلات من السحب الركامية الرعدية الممطرة)؛ فما زالت مُتشبثةً به منذ عقود عتيقة، وكأن هذه العبارات أختام وقوالب لغوية (جاهزة) سُكَّتْ لمن يسأل عن الطقس وأحواله في هذه البلاد!
الكل يذكر تلك اللحظات الرهيبة التي عاشها سكان مدينة الرياض عندما استبدلت السماء بلونها السماوي الجميل اللون (البرتقالي)، ولم تأذن حبيبات الغبار الناعمة إلا بالحوادث والمآسي المحزنة. لقد غيَّرت هذه الساعات (العابرة) كل شيء في حياتانا، واستبدلت أداء الجهات الأمنية والخدمية للأفضل، لكنها وقفت عاجزة حتى عن تغيير أبسط التفاصيل في مصلحة الأرصاد!
أخيراً أفاقت مصلحة الأرصاد وحماية البيئة من سباتها العميق جزئياً، لكنها لم تزل في مرحلة النعاس، بالرغم من كل تلك الصدمات (الرعدية الممطرة) التي تعرضت لها خلال الفترة الوجيزة الماضية..
على أية حال، ما دعاني إلى كتابة هذا المقال تلك الرسالة الرقيقة التي وردتني على جوالي من إحدى شركات الاتصالات، تعرض فيها خدمات أحوال الطقس التي تقدمها (الأرصاد) برسوم شهرية! (الأرصاد) لم تفلح في صياغة الأخبار المجانية التي تعين الناس على التفاعل مع حياتهم اليومية والتعايش مع هذه الأجواء المتقلبة؛ فكيف تُقدِم على هذه الخطوة الجريئة والمليئة بالاستفهامات المسطحة؟
على مستوى علاقاتي الشخصية لا أعرف أحداً يثق بالمعلومات التي تقدمها مصلحة الأرصاد وحماية البيئة. لماذا؟ (الأرصاد) تعرف السبب جيداً، ولديها الإمكانات لحل هذه المعضلة وغيرها، لكن المشكلة تكمن في (الرغبة)، وليس في المشكلة ذاتها. لقد قطعت (الأرصاد) أي تواصل بينها وبين المجتمع؛ فسارت على طريقة (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم)، وإلا فما المانع من الاستفادة من أخطائها ومن نجاح الآخرين حتى ولو كانوا أقل مستوى إذا كانت خدماتهم دقيقة، وتقدّم نتائج جيدة وفاعلة؛ فالمجتمع لا يطمح إلى أكثر من ذلك.
هذا الانطباع (السائد) عن (الأرصاد) لم يكن نتيجة موقف واحد أو غلطة عابرة، لكنه حصيلة تراكمية امتدت عقوداً طويلة، أدرك خلالها المتعاطون مع هذه الجهة أن هناك خللاً كبيراً يحدق بها؛ فهل من المعقول أن تكون معلومات وأحوال الطقس التي يقدمها موقع غير متخصص كـ(Yahoo) أكثر دقة ومصداقية من (الأرصاد)؟!..
نعيش الآن في عالم متسارع، يتغير في كل لحظة, ولن يترك مجالاً للمتخاذلين؛ لأنه سيتجاوزهم إلى غيرهم. والأمل ما زال معقوداً على مؤسساتنا الوطنية بأن تزيد من جهدها، وتواكب العالم الجديد؛ فالعولمة لن تستأذن أحداً قبل الدخول إلى كل شيء.
Alfaisal411@hotmail.com