كانت المجتمعات القديمة قبل قيام الدول الحديثة تتعامل بقسوة مع المعاقين من فئة شديدي الإعاقة والمتخلفين عقليا وحتى مع الأطفال المصابين بطيف التوحد والمتلازمة باعتبارهما (مبدلين) أي جرى عليهم تبديل من الجن, ويحاك حولهم قصص وأقاويل كثيرة...
يترك المعاقون في الغابات والأودية والصحارى للسباع الضارية والمفترسة وللكلاب الضالة لتأكلهم... وفي بلادنا في الزمن المبكر لتأسيس الدولة تحولت المدن الحضارية في منطقتنا ملتقى للتجار والبضائع والوافدين من الهجر والقرى لأغراض العمل والدراسة والتجارة فكانت القوافل والسيارات تحمل معها المعاقين والمرضى النفسيين لتضعهم في الأسواق التجارية فيعطف عليهم الأهالي والتجار وفاعلو الخير لإسكانهم وإطعامهم وعلاجهم في بيوت للإيواء خصصوها لهذ الغرض, ومن تحسنت صحته وحالته يأتي أهله وذووه لأخذه أو من شعر بتأنيب الضمير أو تحركت عاطفته تجاه ابنه جاء ولو بعد حين لحمله ورعايته, يحدث هذا بفعل الفقر والحاجة وعجز الأهل عن رعايته وعلاجه... وبعد قيام الدولة وتوحد بلادنا تم تأسيس دور للرعاية ثم أنشئت وزارة وعين لها وزيرا ووكلاء وزارة وإدارات عموم, وخصصت لها الدولة المليارات سنويا لرعاية وعلاج المعاقين. لم أقصد من السرد التاريخي لحالة المعاق ورعايته الربط مع حادثة مركز الرعاية في عفيف أو إهمال بعض المراكز في بعض نواحي المملكة لكني أربطه مع المدافعين عن وزارة الشؤون الاجتماعية وتبريراتها بأن ما يحدث حالات وفردية وليست ظاهرة وأن ما حدث في عفيف تصرف شخصي ولا يعبر عن سياسة مراكز التأهيل, أو قول أحد المسؤولين إن التجاوزات التي تحدث وحدثت تحصى بعدد أصابع اليد... وهذه كارثة إذا طلب منا أن نقبلها لقلة عددها أو كونها حالات وليست ظاهرة, إن مجرد التفكير في هدر كرامة الإنسان والاستهانة بها مهما كانت حالته الصحية والنفسية ومطالبة جهة رسمية ومعنية في المحافظة على المعاقين أن نتقبله كنوع من السلوك والتجاوزات المقبولة إنها كارثة... بعض المسؤولين في الشؤون الاجتماعية أشاروا إلى أنه تجاوز فردي من عمالة الشركات الموكلة لها رعاية المعاقين وكان بإمكان الوزارة إيجاد وظائف للوطنيين المتخصصين في الرعاية الطبية والاجتماعية لهذه الفئة بدلا من العمالة التي قد وأقول هنا قد تعاقب المعاق نتيجة عدم تدريبها أو قلة أجورها أوردة فعل لإجبارهم على عمل لا يرغبونه أو بدافع أحقاد أخرى... كما أن تبرير أحد المسؤولين في الشؤون الاجتماعية أن هذه الوظائف لا يقبل عليها المواطن فإنه تبرير غير منطقي لأن هناك إقبالا شديدا من الجنسين على وظائف التمريض والرعاية حتى أن وزارة الصحة والجامعات رفعت التأهيل من معاهد ودبلومات إلى درجة البكالوريوس ومتىا أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية عن وظائف للتمريض والرعاية ستكتشف حجم عدد المتقدمين... وأيضا لو أن وزارة الشؤون الاجتماعية صممت برامج ودبلومات للرعاية ستعرف عدد وحجم المتقدمين لهذه البرامج من حملة الثانوية والجامعات... اعتراف الوزارة بالمشكلة ومحاولة حلها أفضل من الدفاع والتبرير وتحميل شركات الرعاية مسؤولية ما يحدث.