لا شيء يبقى كما هو..
المتغيرات تطّرد...
والمرء الذي لا يواكبها يتخلف..
والركب يمضي..
حتى الموج في البحر يبدو أنه هو..
لكن المتمعن، المبصر بعقله، يعلم أكيدا، أن ذرات االماء تتقلب...، تختلط..، تغدو فتتغير،..وتعود جديدة.. لا يدرك حقيقتها البصر المجرد..!
خلايا الماء، كخلايا المجتمعات التي أخذت تنسل من جسد تحنط في أديمها، وتقافزت خارج ضلوعه..
والمرء الذي لا يقفز معها، يتحنط في بؤرها..
فلا ترتفع له عنق في مرأى الشمس..
الشمس علامة التغير في وجود الإنسان... مع ما فيها من ظاهر الثبات..
وعادة الأمور لا تقاس على الظاهر..، إلا حين يكون متجليا بمضامينه..!!
الشمس تتجلى عن مضامين المواكبة..، الديمومة..، السيرورة التي تتكفل بها عند الشروق...،
حتى تصل للغروب..، والأيام تتوالى جديدة...!
وإلى أن تنذر بشعاع آت، تكون قد أذنت لوجهِ متغيرٍ جديد ٍ...
من يركد في البرك.. يأسن..
وحين يتفوه، أو يتحرك فثمة عفن يتفشى...
كل الحياة لا تقبل الركود، ولا تجيز التحنط...
وترفض الهيمنة، والتسيد...
خُلقت طبيعةُ الأشياء ليواكبها ذو العقل...
وعليه أن يخرج من ملاءة الجاهلية...، وأثواب الرأي الواحد..
إن الإيمان بتعددية الأدوار، وبأمواج التغير.. كفيل بنجاة الحياة من خريفها..
وبحلول الربيع في مناحيها..
إذ ثمة شذى يتركه الموج فوق الرمل، وهو يتناغم بمده، وجزره..
(إني وجدت وقوف الماء يفسده
إن سال طاب وإن لم يجر لم يطبِ) !!
صدق الشافعي، إذ كان يؤمن بقيمة التغير، وفساد الركود..