يبقى الكتاب (الورقي والإلكتروني) من البراهين الجوهرية النادرة التي لازالت دليلا على نوعية الحياة العليا، وعلى الرفاه الروحي للإنسان، وسعادته.
المفارقة أنه في غمرة الانشغال بإيقاعات الحياة الاستهلاكية، يتبادر لأذهان تعشق المظاهر الخادعة، أن الكتاب لم يعد، عند كثيرين، غير «أثاث رجعي»، لا أهمية له مع الثقافة المعولمة.
سيظل الكتاب خير جليس روحي لحياتنا الداخلية، ولمستقبل العالم.
سيبقى، دوماً، مأوى البصائر الواعية، وسقفا مفتوحا على متاهات الضوء والتخييل.
والدعوة إلى اكتشافه، ينبغي أن تبقى مفتوحة، كل يوم، لاكتشاف المعاني العريضة، وآفاقها غير المحدودة، لاحتضان دهشة البراءة، واستنسال الأسئلة، تلو الأسئلة، تلو الأسئلة، دون أن يتحول الكتاب إلى جواب أو بديل مقدس.
لا زال الكتاب يرشح زيتا شافيا، يُكثّر الزيتون، ويفتح أراضي العقول، ويُطيّر الأرواح.
لا زال الكتاب يشدّ من العزائم، في وجه الظلم والغباء واليأس والفساد والسهولة والابتذال، ويُشرّع الرئات والأعين والقلوب على هواءات وآفاق، كدنا نتوهّم بأنها قد تلوّثت، أو سُدّت إلى الأبد.
إنها دعوة للعودة إلى الكتاب، الذي يصنع الأمل من جديد، خصوصا في زمن انفلات المعايير الأخلاقية.
إنها دعوة إلى ضرورة معنوية - أخلاقية بامتياز، لمجابهة الفساد المستشري في حيثيات الحياة اليومية، وحتى في شروط استمرارها البيولوجي.
لقد بات التمسك بأخلاق الكتاب، على مستوى المعنى ضربا من الجنون المُفرط، في رومنطيقيته «الساذجة».
من أجل ذلك، هي دعوة إلى الكتاب، والتحريض على التمسك بالشرط الأخلاقي في قراءة الكتاب، مع احترام تعدّد مستويات القراءة، ومستويات الكتاب أيضاً.
الكتاب يفتح أمامنا أبواباً، كنا نظن أن طواغيت اليأس أغلقتها في كل مجال.
Zuhdi.alfateh@gmail.com