أبدت إحدى العائلات السعودية شكواها من اعتداء رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليهم بالضرب خلال وجودهم في أحد متنزهات الرياض.
أرجعت العائلة سبب الاعتداء إلى طريقة لباس الشباب المرافقين لها، وقصات شعرهم التي لم يحبذها رجال الهيئة. الضرب شمل النساء والتهجم على العائلة التي تقدمت بشكوى إلى شرطة الرياض مطالبين بحقهم.
الهيئة قالت على لسان متحدثها الرسمي إنه قد صدر أمر لرئيس الهيئة بتشكيل فريق فوري للتحقيق في القضية.
المتحدث الكريم أصر على أن التحقيقات المبدئية، تؤكد أن الجهاز الميداني تلقى بلاغا من قوات الأمن والسلامة في المتنزه بوجود مخالفات من بعض الشباب، وأن الفريق المكلف أنهى الوضع في حينه. لكنه لم يشرح كيف أنهاه، وهل كان للركل والضرب دور؟ ولم يحدثنا عن كرامة المواطن الإنسان..؟!
لقد ظلت الهيئة وعلى طريقة بعض الأنظمة تتعاطى مع الحوادث وكأنها من طرف واحد، وفي كل مرة تصر على البراءة دائما، وإن حدث أن أدينت، قد لا تعتذر وتطالب بنسيان الأمر وعدم تضخيم الأخطاء، والحقيقة لن أستغرب لو كذب الخبر من أصله!
المجتمع يرى أن أخطاء الهيئة وتجاوزاتها المسجلة التي تصل للإعلام - فقط - تتعاظم، وهو ما يسهم في تقلص المتعاطفين معها، فيما تبقى فئة تنظر للجهاز بنوع من التقديس وكأنه سنام الإسلام وركن الأمة.. إلخ.. من السجع الرافض للنظر إلى اعتبارات الواقع.
نعلم أن الجهاز يوفر فرصاً وظيفية بدخل ممتاز، مضافاً إليها سلطة الهيمنة على المجتمع، ولو بحث (بعض) من موظفيه عن وظائف بنفس ما يحملونه من تأهيل ومهارات في أي مكان آخر، فلن يحصلوا على عمل، وإن حدث، فلن يتجاوز جزءاً يسيراً مما يتقاضونه من رواتب وحوافز ومميزات توفرها وظائفهم الحسبوية.
ونعلم أن البعض الآخر في قمة حماستهم، ينسون ذلك، ويرونه أبعد من مجرد قطاع حكومي، بل مؤسسة لها رمز، لا سيما والجهاز - دون غيره من مؤسسات الدولة - يمارس دوراً رقابياً وتشريعياً وتنفيذياً في آن.. لذا تأتي ضرورة الضبط الصارم لسلوك المحسوبين على هذا الجهاز الحكومي
وممارساته، مع حفظ حق العمل والوظيفة للمستفيدين، لكن دون هذا التكريس الخطير لهذه المؤسسة كآلية شمولية للهيمنة على المجتمع، وإعلان سيطرة وسلطة على أفراده؛ لذا لا معنى في أن تحقق الهيئة في القصة أعلاه.
الحادثة يجب أن تضطلع بها جهة محايدة، أمنية أو عدلية أو مشتركة تتكفل بالمتابعة والتحقيق في تجاوزات الهيئة لصلاحياتها، واجتثاث أخطائها من الجذور إن وجدت.
وإن كانت الهيئة جادة في تغيير صورتها وعلاقتها مع المجتمع، فعليها أن تسرع فعلياً وبحزم وتطلق خطوات إصلاح حقيقي شكلاً ومضموناً الآن.