بحضرة الجنادرية يحضر الحاضر الغائب الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري -رحمه الله-.
رَ أقلامَاً تَنَاهَتْ وَهْيَ تُبْرَى
لِمَوقِعَةٍ بِسِفرِ الخُلْدِ كُبْرَى
وَجَزْلاً يَمتَطيْ نُجُبَ القَوافي
فَإِنَّكَ لَمْ تُحِطْ بالجَزْلِ خُبْرا
يُسَائِلُ عنْ سُرَى الشَّيخِ الثُّرَيَّا
وَهَلْ شَقّتْ بِها الأَمْجادُ قَبْرا
سُرَى «عبدِالعزيزِ» وَأَيْن أَلقَى
رحالاً قَالتِ الآفاقُ: صَبْرا
فإنّكَ لَوْ طَويتَ الفِكرَ عَرْضاً
وَطوْلاَ ما قَطَعْتَ إليهِ شِبْرا
تَخُطُّ لَهُ المَشَاعِرَ في شَغَافٍ
وَلَنْ يَكْفي سوادُ العينِ حِبْرا
لَقَدْ مَلَأ الدُّنَا صِيْتاً وَغَطَّى
وَجِئْتَ لَهُ بأَيْدي الشِّعْرِ صِفْرا
وَتِلْكَ خُطَى خواطرِهِ تَخَطّى
بِها بِيداً فَلَيْسَ يَبيْدُ سِفْرَا
أَجَلْ ذَاكَ «التّويْجري» وَهْوَ يَجْري
تَدَفَّقَ فْي فَيَافي «نَجْدِ» نَهْرَا
هُناكَ تُرِيْ الثَّقافةُ مَنْ أَباها
أَباهَا كَيْفَ جازَ الجَهْلَ جَهْرا
تَدَفَّقَ حِكْمةً فَرَبَتْ رُبَاها
بِهِ تَتَفَتَّقُ الأَشْواكُ زَهْرَا
لَقَدْ خَطَبَ المَعَاليَ فيْ صِباها
وَكانَ لَها اسْمُهُ الدُرِّيُّ مَهْرَا
وَلَمْ يَرْأَفْ بِأَفْئِدَةٍ سَباها
فَمِنْهَا يَنْزِعُ الإعْجَابَ قَهْرَا
وَأُسْتَاذُ الكِياسةِ قَدْ تَلَقَّتْ
مَعارفَهَا عُقولٌ مِنْهُ دَهْرَا
وَقَدْ خَبِرَ السياسةَ مِنهُ نَاسٌ
فَقَلّبَها لَهُمْ بَطْناً وَظَهْرا
وَيَحْسِبُهُ الّذيْ وَافَاهُ سَهْلاً
لِيَحْبِسَهُ وَقَدْ أَلْفاهُ وَعْرَا
وَمَنْ أَلِفَ المَنَاقِبَ لَمْ يُنَقِّبْ
ومَنْ عَرَفَ «التّوِيجري» قَالَ شِعْرَا
وَيَأْبَى الجَزْلُ أَنْ يَخْتَارَ إلّا
كَرِيْماً فَرَّ مِنْهُ اللُّؤْمُ ذُعْرا
قَليْلٌ ما هُمُ الأَعْلامُ مِمَّنْ
تَجُوْعُ بِفَقْدِهِمْ قِيَمٌ وَتَعْرَى
فَقَدْ عُرِفَتْ بِمَعْلَمِهَا فَلاةٌ
وَكانَ بِمَوْقِفِ المعروفِ أَحْرَى
نَفَى عَنْ أُمَّةِ العُظَمَاءِ عُقْماً
وَأَثْبَتَ أَنَّ فيْ الصَّحْراءِ بَحْرا
أَرانَا كَيْفَ تَنْتَصِبُ الرَّواسيْ
شَوَامِخَ تَدْحَرُ الكُثْبَانَ دَحْرَا
صَيَاصِيْ العِزِّ تَذْكُرُهُ مَنيْعاً
رَفيْعاً ظَلَّ فيْ مَثْوَاهُ ذُخْرَا
رَأَى الآثَارَ مِنْ أَعْقَابِ حِينٍ
تَزوْلُ فَأَوْرَثَ الأَحْفَادَ فَخْرَا
أَبَانَ لَنَا مَؤونَتَهُ لِدُنْيَا
وَأَخْفَى مَا اسْتَزَادَ بِهِ لِأُخْرى
لِمَاذَا لا نَشِيْدُ لَهُ نَشِيْداً
لِمَاذا لا يُشَادُ بِهِ وَيُطْرَى
عَسَى أَنْ يَبْتَنيْ الإِبْدَاعُ بَيْتاً
لَهُ أَوْ يُنْجِزَ الإِعْجازُ شَطْرَا
شَرِبْنَا مِنْ شَمائِلِهِ شَمُولاً
شَمَمْنا مِنْ شَذَى ذِكْرَاهُ عِطْرَا
أَجَلْ عبدُالعَزيْزِ مَضَى وَلَكِنْ
مَواكِبُهُ مِنَ الأَمْجَادِ تَتْرَى
رَمَى مَرْمَى الْمُحَالِ رَمَى بَعيداً
وَلَمْ يَقْبَلْ عَلى الْأَلْبَابِ حَجْرَا
يُطَارِدُ بالتَسَاؤُلِ كُلَّ خَافٍ
لِيُدْرِكَهُ وَلِلإحْسَاسِ مَجْرَى
يُطَأْطِئُ ذَاتَهُ مَهْمَا تَسَامَى
وَكانَ رُسُوخُهُ للنَّفْسِ زَجْرَا
تَتَوَّجَ بالمَهابةِ رغْمَ زُهْدٍ
فلَم يُفْتَن بِهَيْبَتِهِ ويُغْرَى
وَكَم شدَّت بهِ الأمْلاكُ أَزْراً
وكم سَدّتْ بِهِذا اللُّغْزِ ثَغرا
وَمَا كانَتْ مَكانَتُهُ بِسِرٍّ
لَدَى مَوْلاهُ بَلْ أَوْلاهُ قَدْرَا
وَلَمْ يَهْوَ الظُّهُوْرَ وَلا التَّبَاهِي
وَلَوْلا شَمْسُهُ مَا لاحَ بَدْرَا
لَقَدْ قَرَّتْ بِهِ الأجْيَالُ عَيْناً
وَلَمْ تَذْهَبْ سِنِيُّ الشَّيْخِ هَدْرَا
قَضَى شَيْخُ الغَرَامِ زُهَاءَ قَرْنٍ
يُغَازِلُ دارَهُ والدّارُ أَدْرَى
يُتَرجِم حُبَّ مَوطِنِهِ بِأَيْدٍ
ويفْتَحُ لِلَّذيْ يَهْوَاهُ صَدْرَا
أُخَاطِبُ بَاسِقَاً مِنْ أَرضِ نَخْلٍ
أَفيْ كَبِدِ السَّمَاءِ بَذَرْتَ بَذْرَا
أَجِهْبِذَ نَجْدِ لَمْ يَبْلُغْكَ قَوْليْ
فَقُلْتُ بِحَسْرَةٍ لِلْمَجْدِ عُذْرَا