يواجه المثقف العربي إشكالات هامة لم يحدد موقفه منها، والإشكالات ما هي إلا مجموعة من القضايا النظرية التي يناقشها المثقفون في حقبة معينة من حقب التاريخ كما يقول عابد الجابري.
فالحاضر الغربي المتقدم يفرض نفسه على العالم في الميادين الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومن هنا انطلقت العلمانية، فالمثقف العربي وجد نفسه في مواجهة مع واقع ممنهج بلا حد أعلى من التقدم والتطور، ولأن العربي لم يتبلور فكره بعد ومارس الاسترخاء الفكري أحقاباً من التاريخ وهذا ما أرغم المثقف العربي إلى التراجع نحو الماضي، فأخذ يقلب صفات التاريخ لعله يجد فيها ما يواجه به الفكر الحديث، فانفصل عن واقعه عندما وجد نفسه حائراً بين التقنية والقيم حيث رأى أمامه تقنية تعود به إلى القرون الوسطى تعتمد على الطاقة اليدوية والمهارات الإنسانية التي لم يعد لها وجود إلا في المتاحف والمجتمعات المختلفة، ووجد في تراثه قيماً أخلاقية راقية تصاغر أمامها الإنسان الغربي، لكن المثقف العربي وجدها لا تتفق مع القيم المادية المعاصرة، عندها وجد أن خطابه الإسلامي في حاجة إلى إعادة صياغته من جديد.
فعندما كنت محدود الثقافة كنت أحلم بالحور العين، وبعد ما اتسعت ثقافتي أصبحت أبحث عن رضا الله عز وجل، وفي الولايات المتحدة الأمريكية كنت أتكلم عن الجنة والحور العين فكانوا ينظرون إليّ بازدراء، ولما تحدثت معهم عن الإيمان والمنطق وجدتهم أشد استماعاً إليّ، عندها علمت أن القرآن يتسع لكل العقول ولكل الأزمات.
وفي يوم من الأيام وجدت نفسي أحاور عدداً من المثقفين وهم: (رئيس إحدى الشركات، ومساعده، ومحامي الشركة، وشريك من الشركاء).
فسألني مساعد رئيس الشركة عن الإسلام فقلت له: بأن هناك قواعد يجب أن تعرفها للتعرف على الإسلام.
الأولى: أنه لا يوجد إلا إله واحد وهذا منتهى الحرية لأنه إذا كان هناك عدد من الآلهة فمن منهم نعبد؟
الثاني: أنه لا يوجد بينك وبين الله واسطة، ولا إمام، ولا شيخ، ولا قسيس، ولا بابا، ولا حاخام، فإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله.
الثالثة: قاعدة الحلال والحرام، فكل شيء تفعله مما ينفعك وينفع غيرك من إنسان أو حيوان أو نبات أو جماد يحسب لك وتؤجر عليه، وكل فعل يضرك أو يضر غيرك من إنسان أو حيوان أو نبات أو جماد تفعله تأثم عليه.
ولأن أسماعنا محدودة، وأبصارنا محدودة، فإن عقولنا أيضاً محدودة، فهناك أمور لا ندرك ضررها علينا فالله نهانا عنها بالنص كالخمر والخنزير، وأمور لا ندرك خيرها لهذا فالله أمرنا بها نصاً ومنها الصلاة والصيام والحج والزكاة، وأردفت قائلاً: إن أياً من المسلمين لا يؤمن بإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ولا يحبهم فلن يكون مؤمناً، عندها أسلم الأربعة، واعتنقوا الإسلام، وقتها أدركت بأن السلفية هي اتباع، وهي القادرة على الحوار مع العصر إذا تخلصت من التشدد والتنطع والمغالاة.