يأخــذ الشــكل الخــارجي للمسلـم الملتزم ولو حتى ظاهرياً وضعاً مرموقاً في الاعتبار الاجتماعي إذ يحظى بثقة البسطاء والطيبين ومن تخدعهم المظاهر البراقة, لذلك لجأ كثيرون يبحثون عن شهرة وظهور أو سلطة وجاه وجني أرباح مادية أو متع جسدية إلى صبغ وتشكيل مظاهرهم الخارجية لتبدو براقة وخادعة وموحية لزبائنهم وروادهم ومتابعيهم بصلاحهم وتقواهم وبعدهم عن متع الحياة الدنيا زهدا وورعا وتدثرا بعباءة الدين البريء منهم ومن أفعالهم وسلوكياتهم المخالفة لتعاليمه ومبادئه النزيهة من كل درن وسوء, وما دام أنهم يحققون ما يريدون فهم لا يتورعون عن ركوب موجة الدين حتى ولو كانت المسافة الفاصلة بينهم وبينه مثلما بين المشرق والمغرب.. للأسف قد تكون هذه النوعيات قليلة قياسا بتعداد البشر لكنها مسيئة في كل الأحوال. دخلوا مجالات لا حصر لها ولم يصحوا المجتمع ليدرك ما تنطوي عليه صدورهم من خبث وسوء نوايا إلا على وقع كوارث متلاحقة بدأت تكشف كل يوم صفحات أكثر سوداوية, ومجال الرقية الشرعية ميدان رحب فسيح ركض فيه كل طامح لا يملك سوى الشكل الخارجي وبضع آيات حفظها قد لا يدرك تفسيرها, وقدرات عجيبة في النفخ والبصق والتفل -أعزكم الله-، وإتقان بعض الحركات البهلوانية المسرحية فذاع صيته وطبقت شهرته الآفاق وزادت شعبيته وتكاثر مريدوه وبخاصة في المجتمعات التي تعاني من السطحية في التفكير والتصديق السريع والاقتناع الفوري بما يقال. لفت انتباهي تحذير الداعية الكويتي محمد العوضي للنساء من الإقدام والذهاب إلى بعض الرقاة ممارسي الرقية الشرعية والذين اتخذوا من هذا العمل تلاعباً واستغلالاً وتربحاً للأموال بذريعة الرقية الشرعية وغير ذلك من أنواع التحرش بالنساء, وتعجُّبه من بعض ممارسي الرقية وتلاعبهم بالنساء باتخاذهم الدين من باب الرقية الشرعية سلما لأعمالهم الدنيوية, دعوة الشيخ العوضي التي أطلقها هذا الأسبوع لا تكشف وقائع تحدث لأول مرة، بل سبقتها سلسلة من وقائع تحرش كثيرة لم يرصدها أحد لأنها ظلت حبيسة صدور نساء آثرن كتمها وإحاطتها بالسرية التامة خشية الشماتة والعار والشك وسياط الناس التي لا ترحم, والمكانة التي يحظى بها مثل هؤلاء رغم دناءة أفعالهم لعدم تصديق الناس بأن هذه الأفعال تصدر من مثل هؤلاء, ولا زالت قضية راقي المدينة المنورة قبل شهر والتي أحالها سمو أمير المنطقة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام حاضرة في الأذهان، فقد وجه سموهالتحقيق معه في اتهامات بالتحرش الجنسي بفتاتين أثناء خضوعهما للرقية على يديه بلمس أماكن حساسة في الفتاتين أثناء الرقية, ومغازلتهما برسائل جوال, وشهدت وقتها كثيرات بما يقوم به الراقي معهن من ممارسات وكأن لسان حالهن يقول «جيتك يا مطوع ياراقي المرضى عشان تعينني على تخفيف بلواي لقيتك ببلاويك ومصايبك وموت ضميرك تنتظر من يعينك!».

وفي ذات السياق كشفت صحيفة سبق الإلكترونية فضيحة أردني أبعد عن المملكة على خلفية القبض عليه لتحرشه بالنساء وممارسته للشعوذة والدجل, اتهم في قناة العربية بعض الرقاة بالسعودية بالتحرش بالنساء. هذه الفوضى تثير أسئلة فهل يمكن إسناد رقية النساء للنساء وإبعاد الرجال عنها؟ وهل وضع ضوابط دقيقة مع متابعة مستمرة وبعيون مفتوحة يمكن أن يخلص مجال الرقية الشرعية من المفسدين المتسترين بلحاف الدين؟ نتمنى أن يحظى هذا الموضوع باهتمام المعنيين!