أعرف أناساً كثيرين في المجتمع لديهم هوس بحضور ألقابهم العلمية والاجتماعية، وعشق كبير وهم يرونها تسبق أسماءهم، حتى أن بعضهم لا يستغني عن لقبه في دعوات الزواج لأبنائه وبناته، بل وهو يقدم نفسه لعامل البقالة!!، هذا الهوس هو مرض يشير لنا بأن من لديه «هواية سباق اللقب لاسمه» يريد أن يعيد (صناعة اسمه) في لوحة المجتمع، وكأنه لن يكون مقبولا إلا بهذا اللقب، فهو يريد التذكير بأنه الدكتور فلان، أو المهندس فلان، أو الشيخ فلان، أتذكر طرفة بهذه المناسبة أن أحد الأصدقاء قام بطي ورقة على شكل لوحة مكتب، وكتب اسمه، وقد أسبقه بحرف «د» ووضعها في مقدمة مكتبه، وحينما دخل عليه مجموعة من زملائه أصابتهم الدهشة، وأمطروه أسئلة حول متى حصل على الدكتوراه وأنه لم يخبرهم واتهموه بأنه «فعلها من ورائهم»؟! فقال على رسلكم، لا دكتوراه ولا يحزنون، أنا أقصد شهادتي التي لم تتعد الدبلوم وتعبت عليها سهر ليال ودروس خصوصية حتى خرجت بها!!، أليس من حقي أن أشير إلى شهادتي العلمية؟! ثم أتبع هذه المزحة بضحكة مجلجلة حملت نوعا من التهكم والسخرية، فلم يجد زملاؤه بداً من الضحك، أقول: لا مشكلة من استخدام الشخص لألقابه العلمية في مجال عمله ومخاطباته، وهو حق يملكه إذا كان النظام يسمح له بهذا، لكن حينما تتحول تلك الألقاب إلى (ديكورات لصناعة النجومية داخل المجتمع) يحرص عليها الشخص للظهور والبروز، ومع الأسف أن عشق الألقاب من سمات أناس مجتمعات العالم الثالث، فلها بريق خاص عندهم، واليوم الشهادات العلمية (بالكوم) تباع (ويحرج عليها) وكثيرون نعرفهم يسبقون أسماؤهم بألقاب لا معنى لها معرفيا، لأنها بكل بساطة لا تعكس في كثير من الحالات قدراتهم العلمية بمقدار اللقب الذي يعشقون سطوعه قبل أسمائهم، ولو تسنى لبعضهم أن يسجله على جبينه لفعل!!