شهدت سوريا يوم الجمعة -الماضي-, واحداً من أسوأ الأيام في درجة العنف. حيث أدت أعمال العنف -خلاله- إلى سقوط العشرات من القتلى, وذلك في إطار التظاهرات؛ مما يعني: أن تحقيق البند الأول من البيان العربي, والذي ينصّ على: «إيقاف القتل, وسفك الدماء», لم يتحقق على أرض الواقع, وهو مؤشر على أن المنحى الذي اتخذته هذه التطورات, يعدّ خطيرا من كافة الجوانب -الإنسانية والسياسية والميدانية-.
تأتي أعمال العنف الصادرة عن قوات الأمن السورية، المدعومة بالدعم اللوجيستي، والقوة العسكرية، والخبرات الدولية، هذه -غداة- تصريح رئيس بعثة المراقبين العرب -الفريق- محمد الدابي، بأن: «معدلات العنف في سوريا، قد تصاعدت بشكل كبير -خلال الأيام الثلاثة الأخيرة-، من الفترة: 24 إلى 27 يناير، -وخاصة- في حمص، ووسط حماة، وشمال أدلب». إذ لم يستطع النظام حتى هذه اللحظة، كبح جماح بقية الاحتجاجات في العديد من المدن، والمناطق الأخرى. وهذا يؤكد: أن الثورة هناك وصلت تدريجيا إلى العمق القومي، بعد أن مرت بمرحلة الصفاء، والمثالية الثورية. بينما في المقابل، نجد إصرار النظام على إنكار حقوق الناس، ووصفهم بأنهم: «أدوات تآمرية، وطائفية».
الانقسام الشعبي في سوريا، أكبر من أن يردم، ودرجة القمع عالية -جداً-. ومع ذلك، فإن النظام السوري يغوص في مستنقع المواجهة، التي تبدو أشد خطورة، ووطأة على الوضع الأمني في المدن السورية، وصلت معها التطورات إلى نقطة اللاعودة، والتي يصعب السيطرة عليها.
إن توفير آليات عمل جديدة؛ لحماية الشعب السوري من بطش النظام -مطلب مهم-؛ خوفا من انزلاق الأوضاع إلى حرب أهلية، يقود إليها القمع الدموي، والدخول بالبلد إلى أزمة، يصعب الخروج منها، نتيجة إصرار النظام على الخيار الأمني، والعسكري، وهو ما سيترتب عليها انعكاسات سلبية، إن على المستوى الاجتماعي، أو على الصعيد الاقتصادي على المدى القريب، والمؤثرة بعمق على المدى البعيد. -إضافة- إلى الإفرازات الخطيرة المترتبة على السلام العالمي، وعلى الاستقرار السياسي في المنطقة، -خصوصا- دول الجوار، -كون- النظام السوري متشابك الأطراف مع كثير من الملفات الخطرة في المنطقة.
في تقديري، كان بوسع النظام استخلاص الدروس، والعبر من الحدث، ومعرفة أخطائه، إلا أن النظام -مع الأسف- سقط، عندما أصرّ على التعامل مع المتظاهرين بعنف، ودفع بالأمور نحو العسكرة. وهو ما ألّب عليه الرأي العام -العالمي والعربي-؛ مما أعطى المعارضة العديد من النقاط الشرعية، ومن ذلك: رفض الاستبداد السلطوي، والعمل على إنهائه، -وبالتالي- إسقاطه بشكل نهائي.
drsasq@gmail.com