كان المواطن المعني بخدمات التنمية ومشاريعها، يحسب في ذهنه أمدها الطويل غير المحدد, وآجالها غير المسمَّاة حتى يحظى بمدرسة لأبنائه, أو مستشفى يلجأ إليه عند الضرورة، أو شارع مسفلت يقيه عثرات
الطريق, أو نفق أو جسر يخفف عنه وطأة الازدحام، ويخفف من سأمه من طوابير السيارات المحشور في داخلها نفوس ضاجَّة بمتطلبات الحياة، وأحياناً بالحياة ذاتها ومكابداتها.
* نسي المواطن حقه بأن يعرف آجال هذه المشاريع, وهو المعني بها أولاً وأخيراً، وانفرط عقد حسابه لانتهائها، فإن لم تنته أو توقفت؛ فلا ملجأ ولا منجى له يقيه حرقة الأسئلة، وسأم الانتظار؛ إلا نافذة تحقيق صحفي يعبر به عن تطلعاته، ويبث من خلاله شكواه.
أو حديث مجالس، يقتات على جوانب من هذه المعضلة تتوزعها تقديرات الجلساء ، ويعلل أسبابها كلٌ بطريقته.
* وبقدرة قادر، وبإرادة صادق تحولت حكاية المشاريع الخدمية والتنموية إلى مسار حدثي جديد, ومرحلة انتقالية لم يألفها المواطن.
وإن كان ينتظرها، وألقى الأمل بتحققها على كاهل الزمن.
فصار للمشاريع آجال، ولمدة تنفيذها مواعيد، ولفترة إنجازها قدر معلوم.
صار المواطن شريكاً بالعلم بتلك المشروعات التي قامت لأجله.
فأصبحت تشدُّه لافتة منفذي المشاريع:موعد استلام المشروع وساعة البدء بمباشرة تنفيذه ، والفترة المقررة لإنجازه.
* وأصبحت الجهات الخدمية المسئولة في الدولة تشترط إشراك المواطن بمعرفة ما يعنيه في حياته ومعاشه ، وإن في هذا المستوى الاشعاري من مستويات الأداء الخدمي.
وأصبحنا نعيش تحولاً ندرك نتائجه دون أن نعلم أسبابه، والمواطن لا تعنيه الأسباب والتفاصيل بقدر ما تشغله النتائج الفعلية التي يمكن له معايشتها وتلمسها.
* وتجربة التحول في هذا المستوى جديرة بأن تعمَّ التدخل في تفاصيل تهمُّ المواطن كذلك, من مشاريع بنى تحتية أو فوقية ، إلى مشاريع إدارية تفصيلية , مثل قياس أداء الموظفين في الصحة والبلديات والتعليم والمحاكم..إلخ.
أي من الشوارع والميادين والساحات إلى المكاتب الباردة صيفاً الدافئة شتاءً, والدوائر الخدمية التي يحس المواطن في بعضها بأنه يتسوَّل حقوقه,المنعقد أمر حصوله عليها بنفسية الموظف ومستوى مرؤته، وضميره الديني والمهني والأخلاقي.
* المواطن بحاجة إلى أن يشعر أن قضاء مصلحته في هذا الجهاز أو ذاك حقٌ مكتسب له, وواجب على الموظف، يتقاضى عليه أجراً شهرياً معلوماً. والمواطن بحاجة إلى قياس نسبة إنجاز كل موظف, وكم ونوعية ما أدَّاه للمواطن من خدمات بقضاء مصلحة وإنهاء إجراءات، وتحقيق مطلب.
وبحاجة نحن إلى استئصال عقدة البحث عن واسطة أو معرفة معقود عليها مصير حوائج الناس وأمور حياتهم؛ في بلد يسنُّ قادته أسمى أمثلة الحرص على قضاء حوائج الناس.
md1413@hotmail.comالمدينة المنورة