فلا جزع إن فرق الدهر بيننا
فكل امرئ يوماً به الدهر فاجع
الصحافة وجميع وسائل الإعلام الحديثة مُنبرُ علم وثقافة، فمنها ما يسر ويبهج النفوس، ويزيد في ثقافة الإنسان ويوسع آفاق المعرفة لديه.. ومنها ما يحمل أنباء غير سارة ومحزنة، فبينما كنت أتصفح صحيفتي الجزيرة والرياض صباح يوم السبت 5-3-1433هـ فإذا بأسرة آل سويلم من مدينة ثادق تنعي عميدها الأخ الفاضل سليمان بن حمد السويلم الذي انتقل إلى رحمة الله بعد ظهر يوم الجمعة 4-3-1433هـ. والحقيقة أني قد تأثرت لرحيل وغياب ذلك الرجل الحبيب دمث الأخلاق طيب المعشر، ولقد سعدت بمعرفته منذ عقود من الزمن فلمست فيه اللطف وكرم الخلق، وكان هو وشقيقه عبدالله ضمن الطلبة المتقدمين لاختبار الشهادة الابتدائية عن طريق المنازل أو الليلة باللجنة التي سبق أن رأستها بمدينة ثادق عام 1384هـ، وقد نجحا بالدور الأول فدعاني على مأدبة نجاحهما مبتهجين رغم شدة المراقبة عليهما وعلى جميع أفراد اللجنة مذكرين لهم بأن يعتمدوا على الله ثم على أنفسهم:
وإنما رجل الدنيا وواحدها
من لا يعول في الدنيا على رجل
ومن ذلك الحين قويت أواصر المحبة مع جميع أفراد أسرة آل سويلم فحتى يومنا هذا نتبادل الزيارات والهدايا ونحضر مناسباتهم وحفلات تكريم حفظة القرآن الكريم، ومناسبات الأعياد التي تقام في قصر مزرعة الأستاذ الأديب أخيهم عبدالعزيز رحب الجوانب الذي يعد من الصوالين الأدبية الريفية والاجتماعية وملتقى أسرهم في الإجازات وفي أواخر كل أسبوع في غالب الأيام. كما أن المزرعة تحتضن أعداداً كبيرة من أنواع فسائل النخيل وكثيراً من الأشجار مختلفة الأنواع، فالأستاذ عبد العزيز - أبو سعود - ينفح أحبابه من ثمارها في مواسم نضجها.. كما هي عادته أيام كان وكيلاً لإمارة القصيم حينما يقدم إلى الرياض مروراً علينا في حريملاء متأبطاً بعض الهدايا من منتوجات القصيم من عسل وغيره..، وقد طبع على السخاء والكرم مبكراً، كما أن أخاه الراحل سليمان - أبو محمد - كان يدعونا إلى منزلهم منزل والدهم القديم بمحلة (أم سليم بالرياض) - رحمهما الله - مؤكداً علينا بتناول طعام العشاء فيؤنسنا أثناء جلوسنا بسرد بعض الطرائف والقصص الشيقة التي تدل على كرم الأوائل رغم قلة ذات اليد لدى أكثرهم..، كل ذلك كرماً وتعليلاً منه لنا ريثما يحضر الطعام فالوقت في مجالسهم يمضي سريعاً - رحمه الله رحمة واسعة - وقد قضى أيام طفولته بين أحضان والديه وإخوته، وقرأ القرآن الكريم وتعلم الخط في إحدى الكتاب بمهوى رأسه مدينة ثادق، كما أنه يقوم بمشاركة أهله في مزاولة بعض الأعمال التي تحتاجها أسرته حسب قدرته واستطاعته، فلما كبر وأشتد ساعديه رحل إلى مدينة الرياض فأخذ يشتغل بأعمال في مواقع متعددة لكسب المال ليسد حاجته وحاجة والديه وظل على هذا المنوال عدداً من السنين حتى حسنت حالته المادية ثم عمل بوزارة الأشغال العامة بوظيفة مراقب مبان، كما عمل في مواقع أخرى بالمصالح الحكومية، بعد ذلك طلب التقاعد فأخذ يشتغل هو وأخوته في العقارات ويساهمون في شراء المخططات الصغيرة والكبيرة رحبة المساحات التي درّت عليهم أرباحاً عالية جعلت كل واحد منهم يستقل لوحده هو وأبناؤه. وقد عرف عنه - رحمه الله - الأمانة والصدق في التعامل مع الغير مما جعل الزبائن تتزاحم على الشراء، كما أنه يتمتع بأخلاق سامية، ومكانة اجتماعية مع حمولته وجماعته، وقد ساهم مساهمة كريمة في إصلاح ذات البين ولم شمل بعض الأسر، وله دور في تطوير بلده محافظة ثادق والتعقيب على إنجاز المشاريع لدى المصالح الحكومية هو ونخبمن وجهاء البلد مما جعلها تقف في مصاف المدن الصغيرة كاملة التشكيل، فتشجع المواطنون على الاستقرار وعدم النزوح إلى مدينة الرياض، وعلى أي حال فإن سيرة الأخ الوجيه سليمان بن حمد السويلم - أبو محمد - معطرة بالثناء والذكر الحسن، وسيبقى ذكره الجميل باقاً في طوايا نفوس أسرته ومحبيه، كما أحتفظُ بالود والصداقة والاحترام لأفراد أسرة آل سويلم:
نبادلهم الصداقة ما حيينا
وإن متنا سنورثها البنينا
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وألهم ذويه وأسرته عموماً ومحبيه الصبر والسلوان.
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف