الذين يراهنون على الأحزاب السياسية، أو الذين يراهنون على الأحزاب الفكرية، أو الذين يراهنون على تقسيم المجتمع إلى اتجاهات أو جماعات أو أقاليم أو.. أو.. أو، كل ذلك يسقط بالضربة القاضية أمام الاقتصاد والتنافسية وريادة الأعمال والشركات العابرة للقارات.
لا يمكن أن تهتم جماعة بفئة معينة من المجتمع وتهمل الأخرى، ولا يمكن أن تفتح جماعة معينة في المجتمع حربا ضروسا على جماعة أخرى، ولا يمكن أن ينال أحدها من رموز الآخر، كل ذلك لا يؤدي إلى نتيجة سوى إلى تشرذم المجتمع وتفكك الدولة وتهشيم الوحدة الوطنية، وهو أمر لا يقبل به رجل رشيد.
لم يعد لنجوم الفضائيات واليوتيوب من المتحزبين لجماعة معينة أي تأثير في زمن الاقتصاد الحر والتكتلات الدولية، لم يعد له ذلك الحضور وهو ينتقص من س ويسب ص ويضرب ع، باسم الدين أو باسم الليبرالية أو باسم الإلحاد، ليس ثمة غير الانتماء لدولة قوية اقتصاديا ينضوي الجميع تحتها لا فرق بين أبنائها ولا تثريب.
الوطن هو سيد الموقف وما عداه فلتذهب به الرياح، فلا الشعارات الدينية المتطرفة أثبتت صدقها، ولا الشعارات التحررية أثبتت نجاحها، ولا التحزبات الآيدلوجية أثبتت إنسانيتها، الوطن هو القيمة العليا التي يمكن أن تستوعب الجميع، في وقت لا يستوعب الديني المتطرف إلا من هو على شاكلته، ولا يستوعب المتحرر إلا متحرراً مثله، ولا الحزبي يقبل إلا بحزبي يشبهه.
في خضم صراخ بعض الفئات في وجه فئة أخرى، نقرأ خبراً أن الصين انتهت من بناء مدينة ثلجية منتزه «زهاولن» بمدينة «هاربين» في مقاطعة «هيلونجيانغ» والتي تقع شمال شرق الصين والمعروفة بفصل شتاء طويل وجليد بارد فتحار أمامها إن كانت صدقا أم خيالا. وهنا لا نملك إلا أن نتحسر على مدى ضيق الأفق الذي يعيش فيه البعض، ونضحك أكثر عندما يقول أحدهم: «نحن الأكثرية وخصومنا الأقلية» ولا نعلم إلى أين يريد أن يصل هذا بمقولته تلك؟!!.
«كل حزب بما لديهم فرحون»، قد يكون هذا تفسير استماتة البعض اتجاه أفكاره ووجهات نظره وجماعته، دون أن يرى العالم من جميع الجهات، ويعرف أن شيئا عن اقتصاديات المعرفة والذي يعد الآن القوة التي إذا ملكتها ملكت العالم، فالصراع الحقيقي اليوم ليس بين س وص وإنما الصراع الحقيقي بين من «يعرفون وبين من لا يعرفون».
كفانا مناكفات بين أبناء الوطن الواحد، كفانا سخرية من بعض، كفانا إقصاء وتشويهاً ومسبة، ودعونا نكسب الرهان من خلال وطن واحد نفاخر به الأمم، ولا سيما إذا علمنا أنه وطن الحرمين والوحي والرسالات، ووطن الآباء، وما عدا ذلك يمكن إصلاحه في ظل قوة اقتصادية تقوم بسواعد أبنائها من أجلنا ومن أجل أجيالنا القادمة.
nlp1975@gmail.com