|
انتشِل الرئيس التنفيذي الجديد لشركة «ريسيرش إن موشن» أو «أر أي أم» (Research In Motion)، ثورستن هاينز، من الظلام النسبي المحيط بمنصب الرئيس التشغيلي حتى يملأ الفراغ الكبير الذي يخلّفه رحيل الرئيسين التنفيذيين الشريكين نزولاً عند أوامر المستثمرين الحانقين. فبعد تولّيها ريادة صناعة الهواتف الذكية بفضل جهاز «بلاك بيري»، أمست «أر أي أم» تسير بشكل خطير على غير هدى. وفي حين يتحرّك القطاع بسرعة هائلة، يتقلّص حجم الموارد التي يمكن لشركة «أر أي أم» أن تستخدمها من أجل التصدي لتحديات الابتكار التي لا تعدّ ولا تحصى لا سيما تلك المنبثقة عن «أبل». فكيف يمكن لـ»أر أي أم» (وسواها من الشركات العاملة في المجال نفسه) أن ترسم إستراتيجية فعّالة في ظلّ مثل هذه الظروف غير المستقرة؟ ويتطلّب في هذا الصدد التخطيط الاستراتيجي الناجح ما يلي:
تحديد التحديات. غالباً ما يتمخّض عن حوارٍ صريحٍ حول الإستراتيجية في مرحلة مضطربة مجموعة من الآراء. ولكن، إذا ما غصتم أكثر في الأعماق، تجدون أنّ هذا التنوّع يعود إجمالاً إلى الطريقة التي صاغ بها المسؤولون التنفيذيون المختلفون المشكلة. وعلى هاينز أن يحرص مقدّماً على تحديد التحديات التي تواجه الشركة. فهل هي القاعدة الصغيرة لمطوري التطبيقات أم النقص في التطبيقات المهمة؟ أم هي قدرة «أبل» على جذب المستهلك، أم التأثير المتراجع لمدراء تكنولوجيا المعلومات في الشركات؟
تحديد وجهة واضحة. من المهمّ أن نضع إطاراً للنقاشات الإستراتيجية حول قائمة الخيارات التي ترتبط بشكلٍ مباشرٍ بتحديدات التحديات الرئيسية القائمة. ومن غير الضروري أن تحصل القفزة من الظروف الحالية إلى مستقبلٍ من خيارنا بين ليلةٍ وضحاها، ولكن على الوجهة أن تكون واضحة المعالم. هذا ومن الممكن أن تختار «أر أي أم» مضاعفة رهاناتها في سوق الشركات وتوسيع نطاق أعمالها من صناعة الأجهزة إلى مجالات تعنى بسلامة الاتصالات المتنقلة وإدارة تردّدات النطاق. وفي المقابل، قد تستفيد الشركة إلى أقصى حد من موقعها القوي داخل الأسواق الناشئة والتركيز على الهواتف الذكية المتدنية الكلفة.
استحداث خيارات ذكية. في إطار البيئات المضطربة، من المهم لنا أن نستحدث خيارات إستراتيجية عن طريق آليات مثل إرساء شراكة أو احتضان نماذج أعمال جديدة. وتتطلّب هذه الخطوات تنفيذ استثمارات محدودة وتأمين تحوّط مهمّ من التغيرات غير المتوقعة في السوق. ويذكر أنّ «أر أي أم» قد وضعت رهاناً طموحاً جداً على نظام تشغيلي جديد مرتقب إطلاقه أواخر العام 2012. ولكن، حتى ذلك الحين، كان من الممكن لها أن تطلق أجهزة لوحية بسيطة ومتينة أكثر ومصممة خصيصاً لتناسب متطلبات عملائها من الشركات.
وفي الختام، يشار إلى أنّ تطوير إستراتيجية فعّالة في ظل أوقات مضطربة يقضي بالتخلي عن العادات القديمة وإجراء نقاشات صعبة. فأهمية الإستراتيجية القوية لا تظهر في أوقات السكينة وإنما عند هبوب العواصف في الأفق.
(ستيف وونكر هو عضو في مجلس إدارة «نيو ماركتس أدفايزورس» (New Markets Advisors) ومؤلف كتاب «أسر أسواق جديدة: كيف بإمكان الشركات الذكية استحداث فرص تعجز عنها شركات أخرى» (Capturing New Markets: How Smart Companies Create Opportunities Others Don’t).