مكاسب متتالية يحققها السوق المالي السعودي منذ اسابيع ارتفعت معها السيولة المتداولة يوميا لتتجاوز حاجز التسعة مليارات ريال لأول مرة منذ أكثر من عامين فيما تتجاوز كمية الأسهم المتداولة حاجز خمسمائة مليون سهم يوميًا.
وتعكس هذه الارتفاعات والحركة النشطة بالسوق زيادة في عدد المتداولين النشيطين قياسًا بالسنوات القليلة السابقة حيث هبط عدد المحافظ النشطة إلى أقل من مائة ألف محفظة من أصل أكثر من أربعة ملايين محفظة مسجلة، فيما سجل السوق أرقاما متدنية بالسيولة المتداولة دون مليار ريال في مرات قليلة خلال مرحلة مابعد الأزمة المالية العالمية منذ ثلاثة أعوام تقريبًا، إلا أن السؤال الذي يراود الجميع هل فعلا السوق المالي عاد لدائرة اهتمام المستثمرين، وهل أساسيات السوق هي التي حركت هذه العودة القوية وبالنظر إلى تلك الأساسيات فإن أرباح السوق حققت نموا وصل إلى 21% للعام المنتهي 2011م قياسًا بالعام الذي قبله ووصلت الأرباح إلى 95 مليار ريال ارتفاعًا من 78 مليار ريال، وبذلك فإن مكرر السوق أصبح حاليًا عند 14مضاعف تقريبًا، ومن المرجح أن ينخفض مكرر السوق بمستويات جيدة مع ارتفاع الطاقة الإنتاجية للشركات وكذلك دخول مشاريع الشركات الجديدة حيز التشغيل التجاري وتحقيقها للأرباح مستقبلا وإضافة شركات جديدة للسوق بمكررات منخفضة مما سيعزز من إيجابية أساسيات السوق بانخفاض المكررات وارتفاع العائد على السعر السوقي وجاذبية القيمة الدفترية للسوق بشكل عام حيث تقف عند 1،7مرة تقريبًا وهو مستوى منخفض وجذاب كما يضاف لكل ما سبق ذكره انعكاس الإنفاق الحكومي الكبير على أغلب قطاعات السوق بشكل مباشر أو غير مباشر، فيما يبدو الوضع الاقتصادي العالمي أفضل حالا من فترة الأشهر الماضية مما سيدعم بقاء أسعار النفط فوق تقديرات الموازنة العامة لهذا العام وسيسمح تماسك أسعار النفط بتحقيق فائض بنهاية العام المالي الحالي وستستمر وتيرة الإنفاق الاستثماري الحكومي قوية، كما أن أسعار المنتجات البتروكيماوية ستبقى جيدة وستعاود الارتفاع حسب التوقعات بالنصف الثاني لهذا العام، وستدعم كل هذه العوامل مجتمعة التوقعات المتحفظة بارتفاع أرباح السوق بما يقارب 10% بالمتوسط وبحساب مكرر الربح مقسومًا على النمو المتحقق للعام الماضي فإنه يبلغ حاليًا عند 0،7وهو أقل من الواحد الصحيح ويعد مؤشرا إيجابيا على أن السوق دون قيمته العادلة، السوق المالي عاش أعوامًا ستة من التراجعات الحادة والتقلبات الشديدة، ومن المؤكد أن جيلا جديدا من المتداولين يدخل السوق لأول مرة حاليًا لم يعاصر الأزمات السابقة إضافة لتنافسية السوق مع باقي قنوات الاستثمار بالاقتصاد السعودي حيث أصبح السق أرخصها وأكثر منها إغراءً بلغة الأرقام، ومن هنا فإن هذه العودة القوية للسوق لابد أن ينظر لها بكثير من الاهتمام للوصول إلى القرار المناسب حيال التعامل مع السوق ومعرفة ما إذا كان نشاط السوق الحالي يعبر عن تحولات استثمارية نحو السوق المالي أم أنها مجرد مرحلة نشاط قصيرة لا أكثر مع الأخذ بعين الاعتبار أن القنوات الاستثمارية بالاقتصاد الوطني تبقى محدودة والسوق المالي أبرزها وهذا ما قد ييسر للمستثمرين سهولة المقارنة بين السوق المالي والقنوات الاستثمارية المنافسة له ومتابعة كل المستجدات المؤثرة باتجاهاته.