الوضع العربي في أسوأ حالاته وعجزه عن الارتقاء إلى مستوى الأحداث في مواجهة النظام السوري وآلة القتل التي تتصاعد دمويتها ومشاهد عنفها بلا رحمة.
التردد، والخذلان، هما التوصيف الأمثل للحالة العربية، ممثلة في الجامعة العربية، وأمينها العام، مهما وصل عدد القتلى، وبلغت رائحة الموت.
النظام الذي عزل نفسه أولاً، وخرج من الإجماع العربي والدولي منذ وقت مبكر، لم يقابله العرب بالردع والعزل المستحق.
لماذا لا تسحب كل الدول العربية سفراءها من دمشق كما فعلت السعودية؟ لماذا لا تعتذر الدول العربية وتطلب من سفراء ودبلوماسيي النظام مغادرتها؟
لماذا لا تبدأ على الفور بالعزل السياسي للنظام غير المرغوب فيه؟ ووقف مهزلة المراقبين؟ وتجميد الأرصدة وعضوية المنظمات العربية والإسلامية..؟
الحل المتوافر في الأفق لتخفيف ما ينتظر سوريا من كارثة إنسانية هو عزل النظام سياسياً وجغرافياً.
العزل السياسي والدبلوماسي عبر سحب السفراء والبعثات الدبلوماسية العربية، وطرد ممثلي النظام، خطوة ستحذو دول غربية وأجنبية حذوها، ولن يبقى إلا سفيرا روسيا وإيران، ولنتذكر أن الخطوة التي عزلت نظام القذافي هي انشقاق متسارع للسفراء والبعثات الدبلوماسية.
لكن نظام الأسد نظام كراهية وانتقام ضد الإنسانية أجمع، وما يؤخر الانشقاقات الخارجية وتسارع الداخلية هو الخوف الرهيب على الأهل والأقارب في الداخل.
نحن أمام نظام مستعد لمعاقبة قاسية لقرية أو حي كامل أو عائلة مهما كبرت.
العزل الجغرافي مرحلة مهمة متزامنة لحماية المدنيين. أشرت في مقال سابق إلى ظهور واقع جديد، يتمثل في الأراضي المحرَّرة في الداخل السوري، وهو أمر تحقق خلال أقل من أسبوعين، وببعض الدعم للجيش الحُرّ ستتسع هذه المناطق، وتزيد الانشقاقات، وتضعف سيطرة النظام، وتسرع بسقوطه، وهو أقل واجب عربي مرحلياً لوقف القتل وحماية الشعب السوري الحُرّ..
إلا أن عزل النظام جغرافياً إلى حدود ضيقة باستمرار، وتأمين المناطق التي خرجت عن سيطرته بالكامل، سيتطلبان دعماً إقليمياً ودولياً، من الواضح أنه سيتأخر - للأسف -. ورغم أن مناطق مثل درعاً جنوباً، وإدلب شمالاً، ودير الزور، والمناطق المحررة، هي معزولة عن النظام، إلا أنها بحاجة إلى حماية دولية، وحظر للطيران.
حتى الموقف الروسي المساوم دولياً سيتخلى عن سوريا بعد تحقيق صفقات على حساب دم الشعب السوري، وستكتفي بتصريحاتها التقليدية، ولن تكون قادرة على فعل شيء للأسد، ولنتذكر أن أقصى ما فعله يلتسن مع بدء الحملة الدولية على الصرب التي ترتبط روسيا معها برابط عرق أن قال: «ارتكبوا خطأ فادحاً»، فيما مضت الحملة الدولية نحو أهدافها.