بعقلية تاجر السلاح وأسلوب عصابات المافيا تتعامل روسيا مع الأزمة السورية متجاهلة آلاف القتلى والضحايا والدماء التي تشهدها المدن والشوارع السورية على يد قوات النظام الأسدي، الذي يتحالف معه الروس للإبقاء على سوريا سوقاً لبيع السلاح الروسي، واستثمار الأوضاع المأساوية في سوريا لانتزاع مكاسب في مواجهتها مع الغرب، وللإبقاء على منافذ لبيع السلاح الروسي.
روسيا التي عرقلت الأسرة الدولية، ممثلة في مجلس الأمن، في اتخاذ قرار يوقف مجزرة القتل المتواصل في سوريا في شهر أكتوبر من العام الماضي؛ ما تسبب في مقتل قرابة ثلاثة آلاف قتيل، تلجأ إلى الأسلوب والطريقة نفسيهما الآن لمنع مجلس الأمن الدولي من القيام بدوره لتعطيل آلة القتل التي يفعّلها النظام الأسدي بعد أن شجعه الموقف الروسي؛ فازدادت عمليات القتل، وتحوّلت العديد من المدن السورية إلى أهداف مباشرة للدبابات والمدافع؛ حيث أخذت تتلقى مئات القذائف؛ ما رفع وتيرة القتل.
ورغم كل التنازلات التي وافقت عليها الدول العربية وأعضاء مجلس الأمن الدولي، ونالت من العديد من فقرات القرار العربي المقدَّم إلى مجلس الأمن الدولي؛ ما أضعفه كثيراً، إلا أن الروس ما زالوا يهددون باستعمال «الفيتو» لتعطيل الإرادة الدولية لوضع حد للمأساة في سوريا.
الروس يعاندون، ومارسوا كل أنواع الابتزاز والضغوط لتجريد مشروع قرار، من أهم بنوده تلك التي تمنع إرسال الأسلحة إلى سوريا، وتنحي بشار الأسد، وتسليم سلطاته إلى نائبه، وفرض عقوبات تجبر النظام الأسدي على وضع حد للقتل، وسحب الآليات العسكرية، وعودة الجيش إلى مقاره، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وبانتظار أن تحصل روسيا على ما تطالب به، وهو إبقاء سوق السلاح في سورياً مشرعاً لصفقاتها، والحفاظ على حليفها بشار الأسد على قمة السلطة، وأن تحصل كذلك على «إرضاءات» من الغرب تتعلق بالسكوت وغض النظر عن ممارسات بوتين للبقاء على رأس السلطة من خلال انتخابات مشبوهة، يظل الروس يهددون باستعمال «الفيتو» لتعطيل الإرادة الدولية لحل الأزمة السورية، والاستمرار في استعمال «بلطجة» دولية لا تختلف عن أساليب عصابات المافيا التي أصبحت جزءاً مألوفاً في الحياة السياسية الروسية.