ما كان للإنسان أن يُراقََب ما يفعله، أو يُكافَح ما يفسده، إن ربيت نفسه على الخيِّرات من النوايا، والأفعالُ صورتها.
غير أن طبيعة البشر، الميالة للهوى، ووجود الوسواس الذي سأل الله تعالى أن يُنظره ليوم يبعثون، وواعد بأن يترصد لهذا الإنسان في حركاته, وأفعاله، وظاهره، وباطنه، يجعل من فساد هذا الإنسان أمرا متوقعا، ولذا فإن ما تراه عين الله، يتولاه الله سبحانه بمشيئته، وما تراه عين البشر، يستوجب مبدأ المعروف، والإحسان بين الناس أن يكشف عنه كل من رآه، بغية الإصلاح، لا رغبة في التنكيل.
من هذا المنطلق، وضعت, ثم عممت, ونشرت «هيئة مكافحة الفساد» التي أنشأها, وأرساها قائد الوطن، قوانينها، وشروطها، تلك التي تتعلق بالبلاغات، والمبلغين، والأخرى المتعلقة بالاستقبال, والسرية.
فلئن اشترطت الهيئة كامل المعلومات الوثائقية عن المبلغين عن الفساد، فلأنها تؤسس لحماية مبدأ الأمانة في النقل، والثقة في البلاغ, كما أنها حين ترضى بطلب السرية، والخصوصية في حماية اسم، وهوية المبلغ، فلأنها تدرأ الفتنة بين من يسعى للإصلاح عن طريق التبليغ بما يرى, أو يعلم من فساد في أي جهة ما، وبين من تقع عليه لائمة الفساد، ويتطلع لمداواة ما أفسد.
حان الوقت للتعاون مع هذه الهيئة، لمزيد تطهير، وللإمعان في مصداقية نوايا البناء, وتطوير المعطيات، والمنجز البشري في دوائر العمل، وأسواقه، ومناحيه، فيما يتم على السطح، أو خلف الأبواب، أو بين الإضبارات.
ما تلون الألسنة، ويحبره المداد، وتراه الشمس، ولا يخفيه الظلام...
«هيئة مكافحة الفساد» اسم اعتباري له هيمنته، وله تأثيره في خفق نبض الخوف، واتقاء الأسباب..
ولعلنا قد بدأنا نشعر بدورها، ولعل الله أن يوفق مسؤوليها، ويلهم الناس صدق العمل معها، وقدرة الجهد لمكافحة الفساد، من أجل مجتمع أكثر نزاهة.