كثير من حالات العنف الأسري لزوجات يعشن سنوات طويلة مع زوج شخصيته غريبة جداً، في بدايات سنوات الزواج وهو في مرحلة الشباب يكون شديد الحرص في علاقاته بالآخرين، وعلى علاقات زوجته بمحيطها الأسري، ويسعى للحد من تعدد العلاقات سواء مع المقربين منها أو البعيدين عنها! حيث تبدأ حياته معها في إصدار الأوامر والنواهي والترقب لأي حدث سيء، والشكوك البسيطة بالمواقف السيئة في أي لحظة! وعدم الثقة في الآخرين بسهولة! والسيطرة على رغبات زوجته وهواياتها وعملها أو دراستها والسعي لمنعها من الخروج إلا للضرورة القصوى، ومحاولة عزلها عن المجتمع الخارجي ويكون المبرر لذلك «حبه الشديد لها» وغيرته عليها، وأنها ملكه الخاص! إلخ من التبريرات المرضية التي قد تتقبلها فقط شخصية الزوجة الضعيفة السلبية محدودة الاهتمامات والعلاقات. أو تلك الزوجة التي ارتبطت به تحت ضغوط اجتماعية معينة بسبب اليتم أو الفقر، أو بسبب الخوف من فوات قطار الزواج! وتظل تتحمل لسنوات طويلة خاضعة صابرة خوفاً من الطلاق لتربيتها القائمة على الطاعة العمياء للزوج مهما كان سيئاً! وتتحمل أيضاً خوفاً من خسارة أطفالها لإيمانها الشديد بأنه لاحق لها في أطفالها! وتمر السنوات وتتطور أعراض شخصية الزوج للأسوأ حيث يزداد في العزلة وإهماله لمظهره الخارجي، واهتمامه العاطفي بأسرته يبدأ يضعف فهو لا يشارك أحداً لا في سعادته ولا في حزنه! ويهمل عمله حتى يخسره، ويظل نائماً طوال نهاره لا يستطيع حتى خدمة نفسه! ويهمل حتى نظافته الشخصية، بل ويدخل في مرحلة أسوأ وهي الهلاوس السمعية والبصرية ويتهم زوجته بسلوكيات مشينة يشيب لها الرأس ويقوم بالسب والشتم على أقرب الناس إليه بل وقد يعتدي على أقرب الناس له! والأخطر عندما يتطرف في شأن من شؤون حياته والزوجة آخر من يعلم كمثال: التغير المفاجئ في الملبس أو التوجه الديني والتشدد المفاجئ! وأعراض التبلد الوجداني واللا مبالاة والعزلة الطويلة وأن هناك قوى خارجية تؤثر عليه وتدفعه للقيام بتصرفات غريبة من باب الدفاع عن نفسه! وتستمر شخصيته في التدهور حتى في علاقته مع زوجته الذي يظل يتهمها بالخيانة بشكل دائم وهي صابرة وصامتة احتساباً للأجر، أو خوفاً من الطلاق في ظل عدم الوعي بهذه الحالة المرضية التي يعاني منها زوجها الذي يظل مهيمناً عليها لسنوات طويلة مما يسبب لها الكآبة والوهن النفسي والجسدي! ومع جهلها التام في التعامل مع حالة زوجها قتدخل معه أخيراً في مشادات كلامية لإقناعه بالعلاج، أو بالاهتمام بها وبأطفالها وبالقيام بواجباته الزوجية والأسرية، وردة الفعل المتوقعة منه حينها هو الرفض الشديد واتهامها بالتآمر عليه كزوج مع أعوانها الذي تخونه معهم! ولهذا السبب تتعرض الزوجة للعنف الجسدي الشديد الذي قد يصل لبعض الحالات للموت! فهذه النماذج من الأزواج الذين تشخص حالتهم «بالمرضى الفصاميين» تحتاج للاحتواء الأسري، والتعامل بحكمة وتقبل ودراية بخلفية المرض من بداياته وذلك قبل تطوره إلى مراحله الأسوأ التي لا رجعة فيها!
moudy_z@hotmail.com