في موقع تويتر تفاجأت شخصيًا بـ»تغريدة» وضعها الشيخ الدكتور محمد العريفي، والذي كان وقتها في زيارة لدولة ماليزيا، نصها كالآتي: «ببيت شاب بماليزيا فتح تلفزيون ليريني أفلام الكرتون.. ثقافة ولباس ماليزي ومحجبات!! حفاظا على فكر أطفالهم! فسُحقا لمن يدبلج أفلام أمريكا ويبثها!»

توقفت لبرهة، وأعدت قراءة الجملة عدة مرات، وأرسلت للدكتور أستفسر وأطلب المزيد من التوضيح (دون إجابة أو رد للأسف)، ما يهم في الموضوع أن الدكتور العريفي وضع يده على الجرح، من حيث يدري أو لا يدري!

نعم، الجرح هنا الذي عانى منه لمدة غير قصيرة العديد من الفنانين والفنانات، لدرجة ترى أثرها واضحاً في المنتج التشكيلي المحلي، بل كان له الدور العظيم في تحولات أسلوبية وفنية طغت على شكل المنتج الفني المعاصر، أحد أسبابها غياب التدريس المنهجي للتشريح ورسم الكائنات والخوف أيضًا من الممارسة لدى البعض منهم، أو من خلال الخروج بحلول أخرى بالتحوير، أو التجزئة كما يفعل البعض الآخر!، إلى جانب غياب صناعة الرسوم المتحركة بطبيعة الحال، أو ضعفها لفترة طويلة قبل ظهور برامج الحاسب الآلي التي سهلت على الممارسين التغلب على تلك المعضلة. ثم لا ننسى الاتجاه القوي في رسوم كثير من الأطفال والشباب لنماذج آسيوية (يابانية) من خلال تتبع فن «الآنمي» و»المانجا» وغيره المنتشر في الرسوم المتحركة والقصص المصورة أكثر من اتجاههم للنموذج الغربي إذا ما استثنينا (ميكي وميني) للفئة الأصغر بطبيعة الحال.

ولهذا كان من الواجب منذ بداية ظهور هذا النوع من الإعلام، ومنذ البدايات الأولى لممارسات الفنون التشيكلية، إعادة النظر في مسألة تحليل أو تحريم رسم الكائنات الحية في هذا العصر، وإعادة قراءة النصوص التي بنت الآراء الفقهية فتاواها عليها، حيث يعلم المتابع لهذا الموضوع أنه لا يوجد دليل صريح وواضح من القرآن والسنة يحرم الرسم لذاته، وإنما ما ورد من أدلة من أقوال الرسول حول التحريم المتمثل في تصوير المعبودات، والتي من خلالها قامت الكثير من الآراء الفقهية.

وكان أيضا من الواجب أن يجتمع أصحاب الرؤى من المتخصصين في الفنون، مع الفقهاء (مثلما اجتمع الاقتصاديون معهم في مواضيع التعاملات البنكية) للخروج برؤية (شرعية) لهذه الممارسة متناسبة مع العصر ووفق الأولويات، قبل أن نقع فيما وقعنا فيه من هضم كامل للثقافة الغربية والشرق آسيوية في الفنون، مع التردد بسبب المحاذير الدينية في الممارسة، وكما ذكر العريفي لنا في تطبيق ماليزيا نموذج!... فهل من معتبر؟