أرسلت المداولات التي بدأت منتصف ليلة الأربعاء بتوقيت المنطقة في مجلس الأمن الدولي بمقر منظمة الأمم المتحدة في نيويورك رسالة خاطئة إلى النظام السوري الذي استقوى بالموقف الروسي، وإلى حد ما بالموقف الصيني، واللذان لم يبديا تجاوباً مع مشروع القرار العربي الذي قدمته المغرب باسم جامعة الدول العربية، والذي يطالب الرئيس السوري بشار الأسد بتسليم سلطاته إلى نائبه فاروق الشرع والترتيب لانتخابات عامة.
خلال الجلسة أكد الشيخ جاسم بن حمد بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، أن الدول العربية لا تطلب تدخلاً عسكرياً، إلا أنهم يطلبون قراراً حاسماً يوقف ويعطل آلة القتل التي فعَّلَها وبقوة نظامُ بشار الأسد.
كلمات وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا وفرنسا والبرتغال وباقي المندوبين، إضافة إلى خطاب رئيس الوزراء القطري، جميعها أظهرت تعمُّدَ النظام السوري استغلال الوقت لتنفيذ مزيد من القتل الذي نال الأطفال والنساء وحتى كبار السن، وأنَّ التأخر في إتخاذ قرار حاسم باعتماد مشروع القرار العربي سيؤدي إلى زيادة أعداد القتلى، ويدفع سوريا إلى أتون حرب أهلية يغذيها النظام بتخزين الأسلحة في المناطق التي تقيم بها الأقلية العلوية التي يراهن النظام على استخدامها لإجهاض الثورة التي يشترك أغلب السوريين في إشعالها واستمرارها.
خطب المندوبين الروسي والصيني وأقوالهما، وإلى حد ما مندوبي الهند وجنوب إفريقيا وباكستان، وجهتْ رسالة خاطئة للنظام السوري الذي وجد في ثنايا تلك الخطب تحصيناً له وحماية من تدخل الأسرة الدولية ومنعه من ارتكاب المجازر اليومية التي طالت جميع المدن السورية، والتي تعرضت إلى اقتحام الدبابات والآليات العسكرية والقصف المدفعي مما أدى إلى رفع أرقام القتلى إلى ما فوق المائة قتيل في اليوم الواحد.
هذه المواقف السلبية من دول كانت الشعوب العربية تعدُّها من الدول الصديقة، فضلت الآن مصالحها الوقتية على المبادئ التي كانت تتغنى بها، وتتساءل الشعوب العربية: إلى متى تظل هذه الدول التي تعرقل صدور قرار بوقف آلة القتل التي تحصد أرواح السوريين يومياً بالمئات، وهل الدم السوري رخيص إلى هذا الحد؟!
في ظل إتساع دائرة الإعلام ومعرفة الشعوب بمواقف الدول من قضاياها، لا بد وأن تؤدي المواقف السلبية لروسيا والصين وحتى الهند وجنوب إفريقيا وباكستان إلى إثارة غضب الشعوب العربية عامة لإيمانها بأن ما تقوم به هذه الدول في الأمم المتحدة مواقف عدائية لشعب بريء يواجه القتل اليومي.