مصطلح الحظ يعني النصيب من الخير والفضل والسعادة والمال وحسن الطالع. يقول تعالى يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ والحظ هنا بمعنى النصيب من المال فقط.
والحظ في مفاهيم الناس أقرب للسحر، بل إن المشعوذين يستغلون المغفلين بوهم استحضار الحظ والسعد! لدرجة أن هناك من يلبس خواتم من الأحجار الكريمة بحجة جلب الحظ والتوفيق! والعجب حين يتوقع ثلة من الناس أن الصدفة الجميلة هي الحظ! وليس هناك ثمة صدفة في الحياة، بل هو تخطيط الله الحكيم، وقد تكون الصدف الجميلة نهاياتها غير سعيدة، فهل تكون حظا أم بؤسا؟! وبرغم أن الناس يطلقون على من لم ينل نصيبه من الخير بأنه غير محظوظ، أو منحوس، إلا أنه في الواقع محظوظ بجانب من زينة الحياة الدنيا، ولكنه لم ينل حظه الكامل في جانب آخر منها! وما يراه الناس حظا ربما يكون وبالا على المرء، وقد نقل لنا القرآن الكريم نظرة قوم قارون ونصيبه من زينة الدنيا بالحظ العظيم: فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ . فقوم قارون يرون أن الزينة بالمال الذي آتاه الله إياه ليبتليه به من الحظوظ، ولكنه بغ+ى به وطغى إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ . وهنا يظهر اختلاف نظرة الناس ذاتهم للمال من حيث تحوله من حظ إلى نقمة، وهو ما دعا قومه للسخرية به بأن الله لا يحب الفرحين.
والفرح في الآية يعني البطر وليس السرور.
ويوزع الله على عباده الحظوظ في الدنيا ابتلاء، بينما في الآخرة توزع جزاء، فما ناله المرء في الدنيا هو في الواقع امتحان يختبره الله بكيفية التعامل معه، والنتيجة في الآخرة هي الحظ الحقيقي وهي الجزاء.
وكثيراً ما يُظلم الحظ حينما تنهزم النفس أمام عقبات الحياة.
وهذه الهزيمة لابد وأن يرافقها التقوى والصبر والثقة بالله والرضى والقناعة وانتظار الفرج.
فحتى ولو تأخر الحظ بالدنيا فإنه بالآخرة أفضل: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ .
والحظ هنا يعنى الصبر، في مفارقة عجيبة تخفى على كثير من الناس الذين يعتقدون أن الحظ هو تسهيل الأمور وحصولها دون عناء، وليس بالصبر والاجتهاد!! حيث يخلطون بين الجد بالعمل والمثابرة وحصد النتائج، وبين الكسل والركون وترقب الثمار! و كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ .
وحين يمنحنا الله الفرصة المناسبة لإمكانياتنا؛ ينبغي أن تكون لدينا الحكمة للتعامل معها وانتهازها، لأن النتيجة الإيجابية هي الحظ.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny