من المؤكد في كفاح الشعوب أنها لا تتراجع إذا ما تجاوزتْ حاجز الخوف وتغلَّبتْ على بطش النظام.. أي نظام مهما امتلك من أدوات القمع. وهذا ما يلمسه ويتابعه كل من يهتم بالشأن السوري، فالسوريون الذين تغلَّبوا على الخوف يقتربون اليوم كثيراً من هدفهم في تحقيق الحرية والكرامة، بعد أن فُرض عليهم الاستكانة والذل طوال ستة عقود من الزمن.
الذين لم يعرفوا ما كان يجري في سوريا، حيث كان الأب يخشى من ابنه وعائلته أن تتجسس عليه، وطنٌ تحوَّل إلى سجن كبير، انشغل أهله في حصر كل همهم لتوفير اللقمة ومن ثم الاتجاه إلى السرير للنوم، ليتحول الإنسان هناك إلى حيوان يعيش يومه، الذين لا يعرفون ما كانت عليه سوريا قبل ثورة الشباب لا يمكن أن يعرفوا قيمة وأهمية ما يجري الآن في كل مدينة من مدن سوريا التي لم يعد لأهلها من هدف سوى انتزاع الكرامة والتمتع بالحرية. وبدلاً من أن يكون الشعب محاصراً من النظام وأجهزته القمعية، أصبح النظام ورؤوسه وأجهزته هم المحاصرين، إذ اقتربت الحشود من الجماهير من مواقع السلطة أكثر من ذي قبل، فأصواتهم المطالبة بالتغيير للأفضل يتردد صداها في القصر الجمهوري بعدما أصبحت التظاهرات جزءاً من حياة العاصمة دمشق، مثلما هي عليه في حمص وحماة ودير الزور ودرعا وحلب.
تتحدث الأنباء عن خروج الوضع في دمشق عن سيطرة الأجهزة الأمنية، وأن العاصمة ستلحق بريفها الذي استعصى على النظام وواصل الاشتعال بحيث أصبح وجود رموز النظام السوري من أجهزة أمنية غير مريح لهم فخرجوا من مدن الريف مثلما حصل في الزبداني. وتؤكد المعلومات أن هناك أكثر من مدينة سورية فعلت مثلما فعل أحرار الزبداني فأجبروا أجهزة الأمن والشبيحة على ترك المدن لأهلها الذين تذوقوا طعم الحرية وتمتعوا بالكرامة، وهو ما يعزز المفهوم المؤكد بأن الشعوب لا يمكن أن تتراجع عمَّا تحققه بالدم، ولهذا فإنَّ كل المؤشرات والمعلومات والدراسات تؤكد انتصار الشعب السوري على جلاديه، وأن الوقت اقترب كثيراً على رحيل نظام مستبد ظل جاثماً على صدور الشعب السوري أكثر مما ينبغي.