في الشوارع المحيطة ببيتي وعملي حفريات لخدمات مختلفة، وهذا أمر طبيعي ومعتاد في مدينة الحفر جدة، لكن الجديد كان في جودة الردم والسفلتة. فقد جرت العادة المريرة أن تنفخ الحفرة بعد الردم فتصبح مطباً صناعياً أو أن تنخسف فتمسي مطباً.. وفي كل الأحوال يتحول الشارع إلى تحدٍّ للسيارات والسائقين في غياب الاستواء والسلاسة، ومستنقعات للمياه الراكدة والمجاري.
أما في الفترة الأخيرة، على الأقل في حدود تجربتي المحدودة، فقد وضح أن الرقابة من البلدية تحسن إلى درجة أن يتم الحفر بسرعة والدفن بدقة وإعادة السفلتة بجودة عالية. الأمر نفسه لاحظته في المشروعات الأكبر.. فالكباري والأنفاق الجديدة ومشروعات تصريف الأمطار رغم تأخر بعضها بأسابيع وربما شهور عن مواعيد التسليم المعلنة إلا أن جودة التنفيذ وسرعته بالمقارنة مع الماضي القريب تشير كلها إلى روح جديدة، وأسلوب جديد في التعامل مع شركات المقاولات بدءاً من شروط المناقصات إلى اختيار الفائزين بها إلى مراقبة التنفيذ ومحاسبة المقصرين واستلام المشروعات المنفذة. ولعل هذه الروح انطلقت من إمارة منطقة مكة المكرمة مع توليها الإشراف المباشر على مشروعات تصريف السيول، وتجاوبت معها كافة القطاعات من المالية إلى البلدية، ومن الشئون البلدية والقروية إلى شركة المياه الوطنية. ومع ذلك فلابد لنا وقد أكثرنا من الشكوى من تلكؤ المالية في الصرف على مشروعات جدة الحيوية وأخطاء البلدية وشركة المياه أن نشكرهم على هذا التطور الإيجابي ونطالبهم بوضع الآلية المؤسساتية التي تضمن له أن يدوم.
ولأمين مدينة جدة الدكتور هاني أبوراس الذي نال جل قسوتنا ونقدنا لأخطاء أكثرها موروث ولقصور تراكمي عبر عقود من الإهمال واللامبالة والفساد الإداري نقول: مبروك عليك جائزة الوسام الذهبي في مجال القيادة الحكيمة لعام 2011م من ضمن 3 شخصيات عربية على مستوى العالم العربي حققت إنجازات ومبادرات في مجالات أعمالها من أكاديمية تتويج للتميّز والجودة بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية. نشد على يدك لإنجازاتك الإدارية ونهنئك على تحسن الأداء مع المطالبة بالاستمرار وخاصة على درب الزلق (محاربة الفساد)، وهو الداء المزمن الذي ابتليت به البلدية لعقود وأوصلنا إلى (الغرق في شبر موية). ولا يخالجنا شك لما عرفناه ولمسناه من برائك منه أنك تشاركنا هذا الرأي فيه. كما نأمل أن تواصل مشوار التطوير والتنظيم وإعادة الهيكلة، فلا زالت بعض قطاعات الأمانة تشكو من البطء في إنهاء معاملات المواطنين، ولا تزال أجهزة الرقابة بحاجة إلى «رقابة». تمنياتنا بالتوفيق لكم ولكل العاملين في الجهات التي تعمل اليوم تحت إدارة أمير المنطقة الحازم خالد الفيصل لانتشال عروس البحر من مستنقع الفساد والإهمال إلى اتفاق العالم الأول.
kbatarfi@gmail.com