جمعيات الإعاقة، وفعاليات الإعاقة، ويوم الإعاقة... إلخ، معان سلبية تكرّس مفهوم عزل ذوي الاحتياجات الخاصة عن المجتمع وتؤكّد على معنى الإعاقة في أذهان الناس، فيما الاتجاهات الحديثة تؤكّد باستمرار على مفهوم (الدمج) والتعامل مع (المعاقين) على أنهم أصحاء في كل شيء: في الكلمة، في البرامج، في النظرة، في الصداقة.
وأول ما يجب إزالته إذا أخذنا بمفهوم الدمج هي: جمعيات المعاقين بجميع أشكالها وألوانها وأنواعها، فهي مثال حي وصارخ على تكريس مفهوم العزل، ويتمثَّل ذلك في اللقاءات الشهرية والأسبوعية التي تجمع المعاقين في مكان واحد وكأنهم أناس مختلفون عن باقي البشر، ويؤكّد هذا الشيء رفض كثير من أصحاب الإعاقة الذين يتسمون بكثير من الوعي والذكاء لهذه المناشط التي تعزلهم عن الآخرين وكأنهم جاؤوا من كوكب آخر.
ويحز في النفس أن ترى فعالية مثل: مهرجان مسرح المعوّقين، أمسية شعرية للمعوّقين، معرض تشكيلي للمعوّقين، معرض التصوير الضوئي للمعوّقين، مسابقة السباحة للمعوّقين، وغيرها الكثير التي تنم عن تفكير تقليدي ما زال يضع المعوّق في خانة والمجتمع في خانة أخرى بصورة تغيب فيها قيمة الإنسان ويتجاهل فيها قيمة الفكر والعقل والإبداع.
والمضحك أن جمعيات الإعاقة يديرها أناس أصحاء، ليس لهم علاقة بالإعاقة، في حين أن الأولى - إذا سلّمنا بوجودها - أن يديرها أصحاب الإعاقة ذاتهم، فهم الأعرف باحتياجاتهم ومشكلاتهم وهمومهم، ولا مجال في هذا العصر الذي بات فيه العالم قرية صغيرة للمزايدات على أصحاب الإعاقة الذين لا ينتظرون من أحد عطفاً ولا كلمة حانية بقدر ما ينتظرون أن يشاركوا في المناشط الاجتماعية كغيرهم من البشر دون عزل ولا تمييز ولا تفرقة.
مثل هذه الاتجاهات الحديثة التي تؤكّد على مفهوم الدمج الحقيقي على نطاق واسع تنتظر من أصحاب الإعاقة ذواتهم تحركاً إيجابياً يجعلهم يرفضون كل برنامج أو فعالية تجمعهم في مكان واحد وتعزلهم عن الآخرين، وأن يؤكّدوا للعالم أجمع أنهم مثل باقي البشر سوى في مسألة طبية لا خيار لهم فيها. ولكن بكل تأكيد ليست مسألة فكرية أو إبداعية أو إدارية.
nlp1975@gmail.com