قد نكون تعودنا على هفوات الخطوط السعودية، كما برودها في التعاطي مع الإعلام والتجاوب معه. ناقلنا الوطني له استراتيجية إعلامية معروفة: التجاهل، وعلى طريقة المثل الشعبي النجدي القديم (الحقران يقطع المصران !)، بمعنى التجاهل هو الحل وله أضرار جانبية..
لكن المصيبة ظهور سلوكيات خارج النص الإنساني، في تمييز ضد فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لم يصل احترامه لثقافة موظفيها.
آخر هذه المسلسلات حدثت يوم 19يناير في الرحلة 3554، المتجهة الى دبي. الاستاذ حسن الماضي يروي القصة بألم، فهي إهانة مزدوجة،. ابنته على كرسي متحرك، ومن المتفوقين دراسيا بالمناسبة، عند عمل الحجز تم التنويه الى انها ضمن الاحتياجات الخاصة، وايضا على بطاقة الصعود كانت الاشارة واضحة.
اخوها بدر كتب القصة في تغريدات توتيرية:
- بدأت إجازة نصف العام لأختي بدموع من ممر العبور للطائرة..
اليوم في مطار الملك خالد.. والدتي وأختي على كرسيها المتحرك يتعرضان لمعاملة سيئة من احد موظفي الخطوط.
طلب منهم الرجوع الى آخر الصف بحجة عدم تأخير الناس والصعود في آخر الركاب، وعندما قالت له والدتي ان اختي تعامل معاملة خاصة في جميع مطارات العالم، قال لها بكل سخرية:
(حنا في السعودية..)، قبل ان يضيف: (جيبي رجل اتفاهم معه.. ما أتفاهم مع حريم..!)..!
أختي من كرسيها المتحرك تترجاه: تكفى خلنا ندخل، صرخ: (لاانتوا ما تفهمون!)، هددته والدتي بالشكوى، رد: (هذا اسمي وهذا مدير المحطة.. روحي اشتكيه)، أنا هنا لا ألوم الخطوط على تأخير رحلة أو تغيير مقعد.. أتكلم هنا عن اهانة موظف لطفلة على كرسي متحرك أمام الملأ.
كيف لمن يفتقد لأبسط المبادئ الانسانية ان يكون هناك؟،ماهو نوع الدورات والتحضير الذي حصل عليه؟، من مكنه ليكون آخر شخص تشاهده قبل مغادرة الوطن؟ .والحقيقة ان إخفاق شركة لأسباب فنية أو إجرائية قد يمكن تفسيره، لكن الإخفاق الإنساني، يصعب تصوره، فما بالك بتبريره.
معاملة السعودية كانت مختلفة في دبي، ولعلها العدوى الحميدة، وقد كتب بدر الماضي :
ليعلم موظفو الخطوط ان اختي ستركب الطائرة اولا في طريق العودة، من غير اي مساعدة او واسطات..لماذا؟ لأن الطائرة ستقلع من مطار دبي وليس الرياض.
نترك القصة لكم، ولتقدير «السعودية»، لكن نتساءل عن الصورة الأكبر، عن دور الجمعيات الخاصة برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وأيضا حقوق الانسان، أين هي من مثل هذه التجاوزات ؟، بل أين هي من المباني والمجمعات، ناهيك عن القطاعات الحكومية المختلفة ؟
وما حدث مؤشر فاضح على فشل توفير ثقافة تهتم بالفئة الخاصة، وغياب الحزم والصرامة في مواجهة مثل هذه التجاوزات، ناهيك عن قصور الأنظمة الالزامية لرعايتهم ومنحهم استحقاقاتهم في الحياة العامة، أمر يحتاج الى وقفة جدية وسياسة عليا..