تضاف (قضية المرأة) في هذا العصر إلى المَناحات المُصْطَنَعة الموجودة في هذا العالم بجدارة، لأنها أصبحت قضية التباكي والعويل المصطنع المبالغ فيه في هذه المرحلة، مأساةٌ لا كالمآسي، وقضيَّة لا كالقضايا، وكارثة لا كالكوارث، فهي قضية مصنوعة بإتقان، أُشعلت فيها نار المبالغة والتهويل منذ أنْ طَرحَها أعداء الإنسانيَّة القائمة على التكامل والتوازن المنسجم مع الفطرة التي فطر الناس عليها، طرحوها ليصادموا فطرة الناس السليمة، وليتخذوا منها جسراً إلى تمزيق شمل المجتمعات البشرية المتماسكة، وتفريق الأسر المتلاحمة، وتحويل الحياة العائلية إلى حياة تصادم وتناطح، وإقامة دَعَاوى لا تخبو بين الرجل والمرأة، حتى أصبحا في حالة صراع دائم، يخوضان معركةً لا يربح فيها إلا الشيطان الرجيم وأتباعه من شياطين الإنس والجن، نعوذ بالله من شرورهم أجمعين.
هنالك أكذوبة كبرى يتباكى من أجلها اليهود ليلَ نهار ويجعلونها مقياساً لمن يوالونه أو يحاربونه من البشر، ألا وهي أكذوبة المحرقة التي لا تَخْفَى عليكم، أصبحتْ رمزاً للعداوة في العالم مع أنها كما يؤكد المحققون أكذوبة مفتعلة، وحتى لو أنها حصلت فقد أصبحت شماعةً تُعَلَّق عليها مآسي اليهود التي يتفنَّون في صنعها، أو تضخيمها وتهويلها، وهنا أكذوبة كبرى قامت عليها المعركة المشتعلة بين ركني بناء الحياة البشرية الثابت (الرجل والمرأة)، وهي معركة تُدار بعناية فائقة، من قبل أُناس يعرفون كيف يتحالفون مع الشَّيطان، لمواجهة ما أمر به الرَّحمن، ويعرفون كيف يتلاعبون بعواطف النساء تحت شعار (حرية المرأة)، فيحملْن راية المواجهة للفطرة، والأسرة، والحياء، وهنَّ واهمات أنَّ ما يفعلنه هو الصواب.
المرأة في ظلِّ قُوَّاد معركة (المَناحة النسائية) سجينة، مضطهدة لأنها زوجة وأمّ، ولأنَّ عملها في المنزل، ولأن الرجل قوَّام عليها وفق ما شرع الله، ولأنها تحمل وتلد وترضع، إنها كائن بشري مسحوق مظلوم كما يزعمون، ولهذا خططوا لها ساحة فسيحة تركض فيها رَكْضَ المُنْبَتِّ الذي لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى، ووضعوا لها شعارات (المطالب المفتوحة) التي لا تقف عند حَدٍّ أبداً، وهي مطالب أصبحت الآن معلنةً من قِبَل طائفة من النساء في عالمنا الإسلامي - مع الأسف - ترى فيها تلك المرأة (المبرمجة) أنَّها كالرجل تماماً، وأنَّ عملها في المنزل (بَطالة) ورعايتها لأسرتها عملٌ شاقٌّ في سجن مؤبَّد، أمَّا حشمتها وحياؤها والتزامُها بأوامر شرع ربها فهي قيود ظالمة غاشمة لا بد لها من كسرها وتحطيمها لتكون رجُلاً كالرجل، وما هي بكائنة رَجُلاً أبداً لو كانت تفقه.
مزَّقوا ومزَّقن المجتمع إلى (ذكورية ظالمة) و(أنوثيَّة) مظلومة، وأعطوا الضحيَّة المزعومة سلاح التحرُّر والخروج على القيم لتحارب به الرجل، ويا لها من حرب غاشمة يخسر فيها المجتمع كلُّه خسارةً فادحة.
إنَّها مَناحةٌ مصطنعة تقوم بها جهات سياسية واجتماعية مشبوهة في هذا العالم العجيب، والمؤسف أن تنخدع امرأة مسلمة واعية رشيدة تقرأ كتاب ربها وتسمع آياته ليل نهار بهذه الأكذوبة الكبيرة، التي فطن إليها عقلاء الغرب رجالاً ونساءً منذ عقود، وأنشأوا جمعيات تسعى إلى تبصير المرأة والرجل والمجتمع الغربي بخطورة هذه (المَناحة) على استقرار المجتمعات البشرية، وهم يخوضون معارك من أجل إعادة التوازن إلى مجتمعاتهم، وإخماد نيران معركة ينهزم فيها الجميع.
هنالك مطالب حقيقية واضحة لإنصاف المرأة في المجتمعات الإسلامية التي سيطرت عليها بعض العادات والتقاليد المخالفة لشرع الله، وأصبح فيها كثير من الرجال يتسلطون على النساء تحت مظلَّة القوامة، وهي مطالب مشروعة نؤيدها، وندعو إلى الاستجابة لها تحقيقاً لما شرع الله سبحانه وتعالى من الإنصاف والعدل.
هذا شيء, وما نراه من (مَنَاحة) على وضع المرأة تتجاوز بقضيتها الحدَّ المعقول شيءٌ آخر.
إنَّه نداء صادق إلى المرأة المسلمة الواعية أنْ تقف طَوْدَاً شامخاً في وجه (المَناحة المصطنعة) حتى لا تحترق ويحترق المجتمع المسلم بنارها اللاهبة.
إشارة
الحقُ أَبْلَجُ كالضياءْ
فَعَلام يخدعنا الغثاءْ؟؟