أشرت في المقال السابق إلى أهمية تصنيف المدن السعودية قبل أن تبدأ وزارة الإسكان في مشروع الإسكان الضخم الذي تعتزم تنفيذه، وذكرت أن معيار المدينة في التصنيف العالمي هو (5000) خمسة آلاف نسمة وأنه يمكننا تصنيف المدن السعودية على النحو التالي:
أولاً: عواصم مناطق المملكة.
ثانياً: المدن الكبرى ما فوق (200) ألف نسمة.
ثالثاً: المدن المتوسطة (الأولى) ما فوق (100) ألف نسمة.
رابعاً: المدن المتوسطة (الثانية) ما فوق (50) ألف نسمة.
وتبقى التصنيف الأخير وهي المدن الصغيرة تأتي على النحو التالي:
خامساً: المدن الصغيرة.
(الأولى) ما فوق (25) ألف نسمة وتبلغ حوالي (31) مدينة.
سادساً: المدن الصغيرة (الثانية) ما دون (25) ألف نسمة، حوالي (173) مدينة صغيرة بهذه الصورة يصبح لدينا خريطة ديمغرافية ملزمة لوزارة البلديات ووزارة التخطيط، ووزارة الداخلية، ووزارة المالية, وأيضاً لقطاع الخدمات: المياه والكهرباء والتعليم والصحة.
ما يحدث في المملكة من تخطيط يختلف عن دول العالم المتقدم لأن المعايير لدينا متداخلة ومتشابكة فهي لا تقوم على معيار الكثافة السكانية ولا معيار المرتكز الاقتصادي ولا معيار الجهوية والمناطقية... لذا أصبح الاستيطان في المملكة انتشارياً ومتناثراً بكثافات مختلفة وغير منضبطة. يكون لمصلحة الأفراد والتجمعات الفئوية؛ إذ يمكن أن تكون هناك مراكز وتجمعات سكانية متجانسة ومتوافقة في التوجه والعمل والمعيشة لكنها منعزلة لأسباب تتعلق بالمصالح الشخصية والمكاسب خاصة، هذا الأسلوب لا يخص نطاقاً واحداً إنما تجده في التكوينات الطبوغرافية في سكان الأودية والجبال والرمال والهضاب والبحار والسهول، وهذا نمط استيطاني عرفته أرض المملكة منذ عصور قديمة وتتشابه مع العديد من البيئات المماثلة لصحرائنا في نواح عدة من العالم لكن الفارق أن تلك الشعوب غيَّرت من نمط استيطانها مع الدولة الحديثة إلى إنشاء مدن إقليمية ومحلية ومهنية بدلاً من الانتشار السكاني المتناثر.. وهذا فرضته الدول من أجل إيصال الخدمات الصحية والتعليمية والحضارية..
تتمتع بلادنا بمساحة أراض شاسعة يقابلها قلة في عدد السكان.. كما تتمتع بلادنا بتنوع بيئي من بحار ومعادن فوق السطح وعقدة خطوط تجارية دولية.. كما أن المملكة تنعم بوجود الحرمين الشريفين اللذين كانا المورد الاقتصادي طوال تاريخها القديم والحديث قبل اكتشاف النفط لكننا لم نستفد من هذا الاقتصاد البديل والمتجدد وربطنا اقتصادنا بالنفط ما ساعد على استمرار بقاء الانتشار الاستيطاني القديم كما كان دون أن تضطر المجموعات البشرية إلى التحرك تجاه الاقتصاد الحديث.. وإذا أرادت وزارة الإسكان الخروج من دائرة أزمات السكن عليها البدء في تصنيف المدن والالتزام في تنمية الإسكان ضمن خريطة عمرانية ليكون الحل العاجل للإسكان وفق خريطة طريق واضحة تعيد بناء المدن والاستيطان الحديث بالمملكة.
a4536161@hotmail.com