إن التصرّف بالحق في مجال الأعمال يكبح الابتكار. وبغياب الابتكار يتباطأ النمو الاقتصادي. وفي غضون العقود الأخيرة عمدنا إلى استحداث ثقافةٍ عدوة للاحترام. لكن، إذا طرحنا المسألة من معادلة التمكين قد يتساءل المسؤولون في العمل عما إذا كانوا يتمتعون فعلاً بالسلطة لتقليص رتبة الموظفين عندما يقدِّمون أداءً ما دون المستوى.
وفي حال عجزنا عن ضمان مصداقية اتهاماتنا فسيبدو كأننا نلفّ حبل التصرف بالحق حول أعناقهم. وإذا ما أتاني ابني يوماً يطلب البقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى المدرسة؛ لأنه لم يدرس للامتحان، جزء مني سيرغب بالقبول، ويكون صديقاً له. ولكن، ما الذي سيحصل له في الجامعة أو العمل عندما يفشل في تسليم مشاريعه في الوقت المحدد؟ أرى أنه من الأفضل له أن يتلقّن الدرس الآن بدلاً من أن يدفع الثمن لاحقاً.
هذا، وقد يكون العجز عن الإقرار بالجهود المضنية التي يبذلها الآخرون شكلاً من أشكال التصرف بالحق، وكذلك تحولي إلى ديكتاتور حميد بالنسبة لفريق عملي من خلال اتخاذ قرار بأن السعي إلى تفاهم لم يعد مطلوباً. ففي النهاية، أنا أدرك تماماً ما هو الأفضل لموظفيّ، أليس كذلك؟
الواقع أنّ الحدود والتحديات قد تمنحنا السلطة وتبث فينا الشجاعة؛ فوراء معظم التصورات المنطوية على مشاريع جديدة شخص اضطرّ لحلّ مشكلة بدءاً من مارسي هاريس، الرئيس التنفيذي لشركة «بوب فوكس» (POPVOX) الذي أراد مساعدة عاملي التوظيف في الكونغرس على معالجة 350 مليون رسالة إلكترونية، وسواها من أشكال التواصل الذي يردهم سنوياً من الناخبين، وصولاً إلى سكوت كوك، المؤسس الشريك في «انتويت» (Intuit)، الذي طمح إلى مساعدة الناس على إدارة شؤونهم المالية بشكلٍ أسهل. وإذا ما تولينا أمر حلّ مشاكل أولادنا بدلاً منهم فكأننا نقضي على موردنا من المبتكرين والمبادرين المستقبليين. وفي بعض الحالات قد يختار بعض الأشخاص تعطيل مسارهم، ولكن في أكثرية الأوقات قد يكون هذا التعطيل نتيجة التوق إلى حياةٍ أفضل. ولا عجب أنّ 52 % من شركات «سيليكون فالي» الحديثة العهد هي في جزءٍ منها أو كليتها ثمرة جهود النازحين خلال الفترة الممتدة بين 1995 و2005.
إلى ذلك، يعتقد معظمنا أنه يستحقّ فرصةً، بفضل ثقته بنفسه وقدرته على تغيير العالم. لكن، لا يخفاكم أنّ التسلّح بالتواضع هو كذلك أمر ضروري؛ كي نعي أنّ تغيير العالم يتطلّب منا أن نغيّر أنفسنا أولاً. أما الحياة والحرية والسعي وراء السعادة فهي حقوق غير قابلة للتصرف بها. وفي حال قمنا بممارسة هذه الحقوق بالطريق الملائمة فسنشهد على نمو ملحوظٍ وابتكارات رائعة وحتى ازدهار. فدعونا لا نتخلى عن حقوقنا لمجرد اعتقادنا بأننا نستحقها.
(ويتني جونسون هي مؤسسة شريكة في «روز بارك أدفايزرز» (Rose Park Advisors)، وشركة كلايتون إم. كريستينسن» (الاستثمارية، ومؤلفة كتاب «تجرؤوا واحلموا وافعلوا: أشياء غريبة تحصل عندما تتجرؤون وتحلمون» (Dare-Dream-Do: Remarkable Things Happen When You Dare to Dream) المرتقب صدوره قريباً).