من العبارات التي انتشرت على أثير أخبار الثورات العربية وخلال مقاطع البرامج التلفزيونية، عبارة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، التي نقلتها قنوات التلفزة الفضائية قوله: (فاتكم القطار.. فاتكم القطار)! رغم أنه هو ـ في حقيقة الأمر ـ
من فوّت على نفسه ركوب قطار النجاة يوم كانت الأمور في أوانها وأحسن حالتها بالنسبة له، خاصةً وهو يشاهد فرار بن علي وخلع مبارك ومقتل القذافي.
عبارة صالح يمكن أن تكون رسالة مختصرة المبنى بليغة المعنى، تُرسل إلى زعيم البعث السوري ورئيس عصابة دمشق، الطبيب بشار الأسد الذي كشف خلال خطابه الأخير الممل، والغارق في أدبيات القومية وتخريفات البعث، أنه ماض ٍ في تبني الخيار الأمني عبر عناصر (الشبيحة) والمدعوم عسكرياً بالجيش الذي ضيع بوصلة العدو من الاتجاه نحو الجولان إلى شوارع حمص ومزارع درعا وأكناف الزبداني، خاصةً في ظل الدور الهزيل للجامعة العربية بقيادة (العربي) وفضيحة تقرير المراقبين بصياغة (الدابي)، الذي ساوى بين الجلاد والضحية، وبهذا يستمر مسلسل القتل ونزيف الدم الذي يلون صفحات الأخبار وبيانات الثوار كل يوم.
فوات القطار لثلاثة أسباب، الأول أن بشار الحكواتي لم يتعظ ولن يتعظ من نهايات أربع قيادات عربية كانت تماثله في الاستبداد السياسي والفساد الاقتصادي، فالأول فرّ والثاني خُلع والثالث قتل والرابع أبعُد ! مُعتقداً أنه حالة استثنائية في الصمود والقوة وسياسة النفس الطويل، دون أن يُدرك أن الشعب السوري الذي أسقط حاجز الخوف كما أسقط صوره المعلقة في كل مكان، لن يعود إلى سابق عهده وينتظم في حياته حتى يكتب نهاية نظام البعث العبثي أمام العالم، خاصة أن هذا النظام الجائر قد استنفد كل الفرص التي تمت عن طريق الجامعة العربية ودعوات الإصلاح قبل أن يستفحل الجرح الدامي بسقوط مئات الشهداء وآلاف المصابين والمعتقلين، لذا سننتظر بإذن الله سيناريو مختلفا لنهاية الأسد الصغير، وأدعو الله أن تكون جزاءً عادلاً لأعماله الدموية وجرائمه اليومية، التي تنفذها عناصرها بحق شعب أعزل كل جريمته أنه تحدث عن (الحرية) وأعلنها (سلمية).
السبب الثاني أن موقف الغرب المتردد لن يستمر طويلاً، فسيكون صارماً وفاعلاً بعد أن يتم التوصل لاتفاقية بين المعارضة السورية والمجلس الانتقالي من جهة والحكومات الغربية من جهة أخرى لحماية جبهة الجولان من الاختراق وتهديد أمن إسرائيل في حال سقوط النظام السوري، أما السبب الثالث فيتمثل في موقف الحكومة الروسية التي تحاول أن تستثمر هذه الأزمة من الطرفين، فهي مع النظام السوري حتى تلوح في أفق الواقع مكاسب كبيرة فيتحول الموقف مع الإجماع الدولي كما حدث مع العراق وليبيا. إن سقوط نظام الأسد مسألة وقت بإذن الله لكن الثمن يبدو باهظاً بأعداد القتلى والمعتقلين... وآه يا دوحة الأمويين.
kanaan999@hotmail.comتويتر @moh_alkanaan