كان أبي يغني للحقل وكنتُ أوسط أبنائه لم يكن ينتبه لي لأني كنتُ بين الأكبر والأصغر حتى هبت ذات مساء عاصفة حمراء وبعد انجلاء الهلع لم تجدني أمي وهي تحصي أبناءها فصرخت بقلبها ونادت أبي الذي ترك السنابل المحطمة وجاء يلهث سأل أبي إخوتي فلم يجيبوا وسألته أمي فلم يجب أبي المحتار كان يسترجع من ذاكرته بعض ملامحي ويسأل جدتي عن مكان وقوفي وطريقة أكلي ولون وجهي وبقيت مع العاصفة أعبر بين الحين والحين من حقلنا الذي تحول لونه للشحوب وأخوتي ما زالوا يقفون في أماكنهم الأكبر فالغياب وأصغرنا ما زال مكاني خالياً وأمي تبحث عني في وجوه المارة أما أبي فلقد أصبح أكثر اهتماماً بي لعله إن وجدني يوما يناديني باسمي.