حين انعقد مؤتمر الأدباء السعوديين الأول في مكة المكرمة عام 1974م، لم تكن المؤسسات الأدبية والثقافية بهذا الانتشار الذي تشهده اليوم, ولم تكن مؤهلة لإقامة الملتقيات الأدبية والمؤتمرات على النحو الذي شهدنا وفرته خلال السنوات العشر الماضية.
* كان ذلك المؤتمر التجمع الرسمي الأول لأدباء بلادنا, خططت له إرادات عالمة وصادقة، وخفَّ إليه أدباء حقيقيون خُلَّص, رأوا فيه مناسبة للتشاور والحوار الأدبي الثقافي. وقدمت فيه أبحاث ودراسات شكَّلت مرجعا مهماً للباحثين والدارسين في هذا المجال، وكانت جهوداً تأسيسية في إطار كلاسيكي عام يؤكد أهميتها.
وفاق المؤتمر أهميته الأدبية المحضة, ليكون رمزيه تاريخية يُشار إلى عظم إسهامها في حركة أدبنا الوطني. كما آل - في وجه من الوجوه -إلى مناسبة يُستعاد ذكرها والتغني بأمجادها في كل سانحة لأديب يريد أن يكون متميزاً بمطالب تدفعه إلى قائمه ذوي المرامي الكبرى والتطلعات التقدمية.
* حتى إذا ما صار للثقافة وزارة، ولها قيِّمون ملزمون وظيفياً بتنظيم شئونها ورعاية مناشطها بحكم اختصاصهم ؛ التحق بهم من يرون في أنفسهم كفاءة وأحقية للقيام على إدارة هذه الشئون، وتحمل أعبائها برؤية لا تخلو من انزلاق إلى خندق الذات، وانقياد صارم لإرادتها,وبدافع نضالي لا يخلص من حس وصاية.
فكان مؤتمر ثان وثالث ورابع.. لم يُسأل عما قدمت وماذا أضافت. ولم تقيم نسبة إسهامها الفعلي في خدمة الأدب والثقافة., ولم يُتنبه إلى أوجه تكرارها واجترارها لصنيع الأندية القيِّم. وتوسعت فيها دائرة الأدباء لتشمل المثقفين الذين لا يُشرَكون ولا يُستشَارون في مفردات وبرامج هذه المؤتمرات غائبة الملامح، شمولية الطرح.
فلا يُعلم هل هي للأدباء حتى تعرض لقضايا نقدية وأدبية؟, أم جلسات لقراءة تجارب أدبية خاصة؟ أم تخلط بين هذا وذاك وفق ما تيسر؟ أم لهم وللمثقفين، حتى تتوسع إلى فضاء ثقافي أعم وأهم، وتطرح قضايا العمل الثقافي المؤسسي وآلياته وواقعه وآفاقه؟
وقد ساهم في تواضع مستوى ومحصول هذه المؤتمرات؛ حسابات البيروقراطية وأجواءها الإدارية ونفسيتها. وتشتت المرجعية.وكذلك عمومية الهدف وانعدام الرؤية... لنخلص إلى المؤتمر الأخير وتداعياته التي تفرض بقوة ضرورة استعادة رمزية المؤتمر الأول, وسمته النقي من لوثه البحث في النوايا، وتأويل وتعليل الممارسات، وما أسسه السابقون الأولون فيه من نهج جاد ومسئول كان جديراً بأن يُحتذى.
md1413@hotmail.comالمدينة المنورة