يتحوّل الفساد إلى مؤسسة شَبَكِيّة راسخة تتصف بالاستمرار، إذا لم يجد من يوقفه، ويسيطر عليه، وأخطر أنواع الفساد -وكله خطر- فساد الأدوية!! ولذلك لا عجب أن علّق أحد المواطنين بقوله: «عشعش الفساد في وزارة الصحة»!! بعد أن قرأ «اختلاس وسرقة كميات كبيرة من: اللقاحات، والأمصال، والأدوية، والأجهزة الطبية، تصل قيمتها إلى ملايين الريالات، من مستودعات مديرية الشئون الصحية، في إحدى المحافظات».
بنى هذا المواطن حُكْمه، على قضايا فساد سابقة، مستعيداً إلى الأذهان فساد أحد مديري المستشفيات الحكومية بمحافظة الطائف، الذي اتخذ قرارات لا تتوافق مع أنظمة وزارتي: الخدمة المدنية، والصحة، بترقية ممرضين وممرضات، وقضية اتهام ثمانية من القيادات الإدارية والموظفين في صحة المدينة المنورة بالرِّشوة، والفساد، وحصولهم على مبالغ مالية متفاوتة، بالإضافة إلى قضية إهدار المال العام، في أحد المرافق الصحية بمحافظة جدة.
حين يضرب الفساد القطاع الصحي، وهو شأن عام للأفراد والجماعات والمجتمع، عند ذاك لا يستطيع المجتمع، أن ينظم شئونه العامة والخاصة، أو تتحقق له أساليب تكفل توفير الإمكانيات، فيكون البحث عن منفذ، يقي الجماعة والمجتمع من فساد صَغُر أم كَبُر، وتكون التساؤلات: متى يوقف التلاعب، والسلب، والنهب؟ ويُبَدَّل الواقع بغيره؟.. ولماذا يُعَطّلُ الفِعْل الإيجابي لصحة الإنسان، التي رصدت لها الدولة بلايين الريالات، آخرها (242،7) بليون ريال في خُطّة التنمية التاسعة.
فساد الأدوية انتهاك لحقوق الإنسان، لا يرضاه ولاة الأمر، ولا يقبله المجتمع، والطامة الكبرى أنه فساد يكاد يكون مُمنهجاً، وبمواصفات جاهزة، تُصادِر وتُهيمن، وبمسوغات تكاد تُحَوِّل الفساد إلى سلع في أسواق المنافسة، ولذلك فالفساد الصحي خطر لابد من وقف زحفه، ومكافحته، كي لا يتحول إلى فساد مقبول، أو حتمي، وكل أنواع الفساد، تحتاج إلى المضي قُدُما في السياسات التي وضعتها الدولة لمحاربته، وقطع الطريق أمام من يميلون إليه، فلا يتحوّل الحامي إلى حرامي، يزاول السّلب والنّهب، ويُضعف الإطار المؤسسي والهيكلي للمجتمع، ومحاربة الفساد في المجال الصحي، لا تختلف جوهرياً عن محاربته في المجالات الأخرى، ولكن فساد الصحة، يستحق قدراً من الاهتمام والمعالجة.
لكل داء دواء يُستطبُّ به، إلا فساد الدواء فإنه أدواء، ومن ثم فهو يحتاج إلى أكثر من علاج، وليكن البَتْر أحدها.
Badr8440@yahoo.com