الإعلامي في الأساس يكون كاتباً أو مراسلاً ميدانياً، أو صحفياً عاملاً في غرفة الأخبار ناقلاً للحقيقة، ويكون قناة توصيل ما يحدث للمتلقي دون أن يكون منحازاً لجهة ما فقط منحاز للحقيقة.
هكذا هم الصحفيون في كل أرجاء العام ولذلك فليس غرابة أن يدفع الكثير منهم حياته ثمناً للدفاع عن الحقيقة، ومع أن الكثير من ضحايا الصحفيين قد سقطوا على الأرض العربية، إلا أن الصحفيين العاملين في بعض العواصم العربية أصبحوا عرضة لاختراق المخابرات العربية مما أوصل بعض من رجال المخابرات إلى مكاتب الأخبار، وتحولوا إلى مراسلين وممثلين لمحطات تلفزيونية وصحف بعضها أجنبية والكثير منها عربية.
في بعض العواصم العربية ترشح المخابرات مراسلو الجهات الإعلامية في المحطات التلفزيونية والصحف وتطلب أن يكون المراسل من مواطني تلك الدولة، وهناك دول لا تجد حرجاً من أن يكون المراسل «موافقاً» عليه من المخابرات وأن ترشحه وزارة الإعلام، وهو في الحقيقة تعينه المخابرات وتوافق على ترشيحه وزارة إعلام في ذلك البلد ليكون مراسلاً للمحطة التلفزيونية والصحفية، يرسل أخباره وتقاريره الصحفية بما يلائم توجه الدولة التي يعمل بها وبعض تلك التقارير تصل إلى دوائر المخابرات قبل الجهة التي تنشرها أو تبثها.
وهكذا نجد أن المراسلين الإعلاميين في تلك الدول يصبحون جزءاً من الآلة الإعلامية يسبحون بحمد النظام ويخفون كل ما من شأنه كشف حقيقته التي يعرفها القائمون على تلك الوسائل الإعلامية التي يراسلها أولئك الإعلاميون إلا أنهم لأسباب تتعلق بالتسويق وبالسماح بتوزيع الصحيفة، يتم غض النظر عن هذا الإعلامي المصنف أصلا والمعروف من باقي الإعلاميين الشرفاء الذين هم أيضاً معروفون وتحظى تقاريرهم وأعمالهم الصحفية بالمتابعة والاحترام.
اختراق المخابرات وبالذات في الدول العربية «مرض» فرض طويلاً ويعرفه كل من يعمل في الوسط الإعلامي، بل حتى المتلقين يستطيعون أن يشخصوا صحفي المخابرات، وإن ظل متستراً، ولكن أن يتطور الأمر بأن يفضح صحفيو المخابرات عمالتهم ووظيفتهم الأساسية بأن يتحولوا إلى «كومبارس» وجوقة تصفق بعد كل جواب لوزير أو مسؤول في مؤتمر صحفي، فهذا نوع من الوقاحة التي لا تحتمل خاصة إذ كانت هذه الوقاحة تنقل مباشرة وعلى التلفزيون كما حصل في المؤتمر الصحفي لوزير خارجية النظام السوري وليد المعلم والذي قوطعت إجاباته كثيراً بتصفيق مراسلي المخابرات.
jaser@al-jazirah.com.sa