يجب أن ننطلق من نقدنا لبعض التصرفات الخاطئة في المجتمع التي يمارسها بعضنا؛ من منظور صادق وحقيقي ودون مواربة، خشية من أن نغض الطرف عن جملة من التصرفات التي لم يعد يحكمها عقل، إما جهلاً بها وبعواقبها، أو لعدم إلقاء بال لها، فيتم التمادي من قبل ممارسيها رغم سلبيتها، حتى يصَدقوا أنفسهم بأنهم أمام (التزام أخلاقي، أو تظاهرة وطنية، أو عرف اجتماعي) يجب الالتزام بها حد التقديس وهي ليست كذلك، ثم نكتشف أننا كنا نخدع أنفسنا ونوهم غيرنا بممارسة سلوكيات خاطئة، ظناً منا أنها ممارسات إيجابية، وما علمنا بخطأ ما كنا نسلكه، حتى نكتشف أننا في أنظار العالم (قصة كبيرة) يرسمون من خلالها لنا صورة سلبية، ونتحول إلى لوحة «للفرجة» يقولون كلما شاهدونا: «هااا انظروا إليهم»، دعوني أقولها صادقاً مخلصاً، بأن ما يحدث في أم رقيبة، ومهرجان مزاين الإبل، من مبارزات بين ملاك الإبل، ومنافسات بين القبائل، وتصرفات تقترف بمسمى (الكرم المزعوم والبطولات الوهمية) من أجل رفع أسهم كل قبيلة، فتنحر هناك عشرات الإبل، وتسام العشرات بملايين من الريالات، وترفع شعارات التفاخر القبلي، بينما حولنا بلدان قد لفت خاصرتها مشكلات أمنية، وأعباء اقتصادية، زادت من تنامي حالات الفقر المدقع، والجوع الكافر، وأحاطت بها أحداث خنقت أنفاس الحياة فيها بفعل الفتن والحروب والمنازعات، ثم لا يكون بما نمارسه في «أم رقيبة» من قبلنا أي حساب ومراعاة لمشاعر من لا يجدون ما يسدون به رمق جوعهم، وإرواء عطشهم، بينما لدينا من استهواه كب النعم في مهرجانات لم تقدم لنا من مكاسب، بقدر ما جعلتنا صورة مشوهة أمام العالم، وهم يروننا رغم جدب الأرض وقلة المطر، وفحش الغلاء، لا نعبأ بما يدور هنا أو هناك من مخاطر وأحداث، اسمحوا لي فلا يعني (نقدي) لتلك الصورة في أم رقيبة ومزاين الإبل يعني تقليلاً من إرثنا الذي نحبه ونحترمه في صوره المتنوعة، ولا يعني أننا لا نعتز بموروثنا، ولكن ما يحدث من تصرفات شكَلها (الإسراف والتبذير) بغير معنى وحساب، وتلك الأرقام الفلكية التي (تباع بها الإبل وتشرى)، والمنطقة على صفيح ساخن من أحداث الربيع العربي، إلى أطماع إيران، (تلزمنا) بأن نكف عن كل ما لا يقدمنا بقدر ما نشعر بأنها تؤخرنا عن مواكبة الأحداث الراهنة، أو تلهينا، حفظ الله بلدنا، وأدام على ولاة أمرنا لباس الصحة، وأتم على شعبنا أمنه ورخاءه.