يتوَّج سليمان الراجحي بجائزة الملك فيصل العالمية في فرع خدمة الإسلام تقديراً لجهوده في العمل الخيري والمصرفية الإسلامية وتنمية المجتمعات ومعالجة الفقر والعناية بالتعليم والصحة والتدريب والمساعدات ودعم المشروعات الصغيرة.. فهل يستحق الجائزة؟
من مدينة البكيرية انتقل إلى الرياض بعد أن ضاق بأبيه الحال، وهو في عمر التاسعة، كان يجمع روث الإبل ليبيعه، ثم عمل طباخاً، وكان يبيع القاز، ثم يبسط الحلوى على الأرض، وعمل حمالاً، وتنقل في أعمال متواضعة عدة، إلى أن فتح دكاناً صغيراً، وجمع ثروة بسيطة، لكنها بعد مصاريف الزواج الأول أصبح رصيده صفراً، ثم عمل عند أخيه في مجال الصرافة، إلى أن استقل وسافر إلى مكة، وبدأ بالعمل مع الحجيج، وهناك بدأت ثروته بالتنامي تدريجياً؛ ليصبح رائداً في مجاله.
في عام 1376 بدأ الشيخ سليمان بالاستقلال بنفسه، وفتح دكاناً مشاركة مع أخيه صالح، برأسمال 200 ألف ريال، وهو مبلغ ممتاز في ذلك الوقت.
وفي منتصف العام 2011، وفي خطوة استثنائية، قرر الشيخ أن يعيش بقية حياته بقوت يومه، بعد أن قسَّم أمواله إلى هبتَيْن: الأولى جعلها وقفاً خيرياً لإنشاء جامعة تشمل تخصصات طبية وعلمية، ومستشفى خيرياً، و3 جوامع كبيرة، واشترط فيها أن يخرج منها ما يحتاج إليه لنفسه، معتبرًا نفسه من ضمن هذا الوقف الخيري، وسيتم مستقبلاً إنشاء كلية للاقتصاد ومركز الراجحي الاقتصادي.
أما الهبة الثانية فجعلها تركة لأبنائه وزوجاته؛ حيث ثمن جميع أملاكه، وقام بتقسيمها إلى محافظ متساوية القيمة، ووزعها على الأبناء بأسلوب القرعة، فيما يدير ثروة أبنائه الصغار حتى يصلوا إلى مرحلة الرشد.
الرجل تاجر مخضرم، ورجل أعمال وطني، قدم للاقتصاد الكثير خارج الزخرفة الإعلامية، والاستثمار الإعلاني، ولو توافرت دراسة دقيقة قد تخبرنا بدقة عن حجم الإسهام المباشر وغير المباشر في التنمية الاقتصادية؛ فاستثماراته تتميز بغالبيتها الداخلية، عكس كثيرين، تتركز غالب استثماراتهم خارجياً.
الراجحي نموذج بارز لرجل الأعمال الوطني، تتنوع استثماراته بين قطاعات فعلية في عمق الاقتصاد المحلي.
وهو بالمناسبة من رواد الزراعة العضوية في العالمين العربي والإسلامي، وهو بالطبع رئيس مجلس إدارة مصرف الراجحي، وأكبر مساهميه، ويرأس أيضاً شركة نادك الزراعية وأسمنت ينبع، وتقدر مجلة فوربس ثروته بـ8.5 مليار دولار، لكنه ما زال يفضل السفر على الدرجة السياحية.
جائزة فيصل العالمية استحقاق، لكن الاستحقاق الأكيد هو المساهمة المتنوعة في التنمية الوطنية على أكثر من محور، تجعل من سيرته رجل الأعمال القدوة لوطنه، مقابل ما يتحصلون عليه من ثروات.