تحقيق العيش الكريم، والوصول إلى مستوى مقبول من الرفاهية، ورفع مستوى معيشة المواطن من خلال محاصرة الفقر، وتقليص معدل البطالة وصولاً إلى القضاء عليها، لا يمكن أن يتم من خلال الأماني والتنظير، دون أن يواكبه عمل وتخطيط علمي يستفيد من كل الإمكانات المتاحة والموارد المتوفرة، وتوظيفها لتأسيس المجتمع المنتج الذي يصنع الفرص الوظيفية لأبنائه، ويجعلهم منتجين بدلاً من مستهلكين يتكئون على ما توفره الدولة الرعوية التي بدورها تستند على إيرادات لا يمكن أن يستمر طويلاً دون أن تغذيها آليات الإنتاج والتطوير.
تحقيق الرفاهية والاستقرار لا يمكن أن يتم دون توفير فرص عمل للمواطنين، فالبطالة والفقر هما أكثر أدوات الهدم للمجتمعات المستقرة. ولهذا فإن الدول التي تسعى لتحقيق المجتمع الفاضل ولمواطنيها مستوى جيد من المعيشة، تعمل وتؤسس لتنمية اقتصادية مستديمة بمعدلات مرتفعة، من خلال استثمار مواردها الطبيعية وإمكاناتها وإيراداتها، وتوظيف قدراتها البشرية التي إنْ أُعدتْ تعليماً وتدريباً أصبحتْ قوة إضافية للاقتصاد المنتج المستديم، وليس عبئاً يستنزف الموارد.
من أجل تحقيق هذا الهدف الذي لا يعدُّ سهلاً إن غاب عنه التخطيط العلمي السليم، تبنتْ المملكة العربية السعودية مفهوم التنافسية، لإدراكها بأنه يساعد على الإرتقاء بمستوى أداء مختلف القطاعات الحكومية والأهلية.
وكون مفهوم التنافسية يعتمد على تنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، فإنَّ المحصلة ستحقق وتخلق فرصاً وظيفية جديدة، وزيادة معدلات تكوين منشآت الأعمال، ومن ثم زيادة الإنتاج المحلي الاجتمالي.
والمملكة التي تحتضن حاضرتها الرياض منتدى التنافسية الدولي في دورته السادسة الذي انطلق في بداية هذا الأسبوع، واعية تماماً لما يحقق مفهوم التنافسية في إحداث التغيير الإيجابي. وهو ما يؤكده خادم الحرمين الشريفين في كلمته التي وجهها إلى المنتدى وألقاها نيابة عنه - حفظه الله - وزير التجارة والصناعة. إذ يؤكد الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته، أن تحسين مناخ الاستثمار، ورفع تنافسية بيئة أداء الأعمال، هما الطريق الأقصر نحو زيادة معدلات الاستثمار المحلي والأجنبي، الذي يعد المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي.
منتدى التنافسية يُعقد هذا العام تحت عنوان ريادة الأعمال التي تهدف إلى إنشاء مؤسسات جديدة، أو تطوير مؤسسات قائمة على تبني أفكار إبداعية واستثمار الفرص الجديدة.
الأهم من كل ذلك، والأساس الذي جعل المملكة تتبنى مفهوم التنافسية وتأخذ به، هو ما أوضحه خادم الحرمين الشريفين بتأكيده بأنَّ الطموح هو أن تكون ريادة الأعمال فكراً وسلوكاً يتبناه القطاعان العام والخاص، وذلك بما ينسجم مع جهود الدولة نحو دعم أصحاب الشركات الناشئة، وتوفير الفرص الاستثمارية المناسبة للشباب كي يصبحوا رواد أعمال يوفرون الفرص الوظيفية لهم ولغيرهم من أبناء وبنات الوطن، لكونهم شريحة مهمة لمستقبل الاقتصاد الوطني والتنمية الاقتصادية.