الصندوق العتيق
في حرز مكين
حمله رجال غلاظ خفيضو الصوت والخطوة
معمعمين يطلقون شعر وجوههم زهاد في أرديتهم
وضعوه هناك
في الدار البعيدة
في أقصى حجرة فيها
اطمأنوا أن مفاتيح الصندوق في جيوبهم.
السنون والناس لايدرون عن الصندوق العتيق شيئا
لايريهم أصحاب المفاتيح إلا مايريدون لهم أن يروا
ولايسمعونهم إلا مايريدون لهم سماعه..
استكان أهل الدار سنين عددا كلما تململ أحدهم أو حاول أن يتساءل أو يقارن صاح به أهل المفاتيح ويلك من مارق ليس ثمة أمر غير هذا الذي نحدثك فيه
وإن سمعت من غيرنا فأنت تستبدل الخير بماهو أدنى منه فالحق مانقول وماعداه باطل.
ورث المفاتيح رجال أقل غلظة لايجدون بأسا في ارتداء العقال والبحث فيما كان يقول عنه السابقون إنه من المحال.
دخلوا الحجرات القصية وفتحوا الصندوق العتيق وفتشوا في الأظابير وأظهروا القول ورده والدرة والمحار والجوهر واللؤلؤ..
انفتح الصندوق فاستزاد الناس وتوسع الضيق وتيسر العسر وكثر الحلال وقل الحرام, تنادى الناس في الأمصار برخاء وسماحة وسعة في العيش وبصيرة جعلت من الدار روضة من رياض الجنة أشجارها وارفة وطلعها نضيد، تكثر فيها العلوم والآراء ويبحث الناس في شئون الحياة وعمارة الأرض أكثر من إقبالهم على الموت وفنونه.
وسرت في العالمين حكمة بالغة تقول: لاتجعل للصندوق الثمين مفتاحًا واحدًا فقد تخسره للأبد!
f.f.alotaibi@hotmail.comTwitter @OFatemah