القيم الفاضلة عديدة، لكل منها مدلولها، ومعناها..
وعند ممارسة شكلها، وصورها.. ومبناها..
الجمال قيمة لا تفرغ من مؤثراتها وإلا تأخرت عن التعبير عن لفظها..
تماماً كما قيمة الحب حين تكون في الألسن لبانة، ولا ينسرب للروح مذاقها.. ولا تتحرك في السلوك دلالاتها..
الصدق قيمة، موثوقة عراها حتى يداخلها الكذب فتتهالك أوتادها..
وكل قيمة تفقد معناها إن لم تكن في سلوك المرء عملاً نابضاً، وفعلاً ناطقاً..
من أجمل وأصدق القيم في الحب حب متبادل بين الأم ووليدها؛ إذ مهما تطاولت به قدماه يبقى مولودها الذي حملته في أحشائها أملاً، ووضعته بين يديها تخيلاً.. وربته أمام عينيها كياناً، ودب على الأرض بعيداً عنها بانفصاله كائناً قادراً على أن يتحرك، ويشاء, ويفعل بعيداً عنها..
كم, وكيف تكون قيمة الحب التي يحملها في صدره، ويمارسها في فعله، حين يدرك قيمة أقوى تأثيراً، وأجلى تعبيراً عن قيمة الحب في صدره لها، ألا وهي قيمة البر بها..؟؟
لسان رطب في الحديث معها، ويد حانية في ضم بنائها حين لا ينبض بغيره، وعين تتبع خطواتها لتقيل عثراتها، وأذن تصغي لصدى حرف تبثه شفتاها، وقلب يهلع خوفاً أن تنام شاكية، أو تصبح باكية، أو تصمت خائفة، أو تتكلم راجية..
هذه القيمة التي تشمل كل القيم: الجمال, والصدق، والوقاء، والأثرة، والعطاء ووو.. بل الطاعة، وخفض جناح الذل من الرحمة..
ينسى أكثر الناس حين تدب أقدامهم بعيداً عن مربى أمهاتهم.. أن يتفقدوا قيمة الحب لها في صدورهم في سلوكهم..
ويزنوها بقيمة عظمى, هي البر بها..
ما أصدق, وأجمل، وأشمل.. من نظرة حانية من عيني أم، يمضي وليدها نحواً بعيداً عنها، وهي تخفق به في كل رجفة نبض في صدرها..
فهل يفعل الأبناء.. كل الأبناء هكذا بحبهم لأمهاتهم..؟