التعاون الذي تم بين وزارة الصحة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كشف عن قضية اختلاس كميات كبيرة من اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية من مستودعات إحدى المديريات الصحية.
التعاون الذي نقصده جاء بطلب من وزير الصحة للهيئة لمعرفة مصدر لقاح يُتداول في الأسواق، ولم يُستورد من إحدى الشركات الموردة للأدوية.
إنه تحرك مسؤول وإيجابي من وزير الصحة، وهو ما يجب أن يقوم به جميع الوزراء والمسؤولين الذين يستشعرون وجود خلل أو عمل غير طبيعي في وزاراتهم والإدارات التي يديرونها.
وكذلك تحرك مسؤول وإيجابي من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تلقَّت خطاب وزير الصحة بكل اهتمام، وقامت بدورها، وبما يجب أن تقوم به؛ لأنها أُنشئت لمثل هذه الأعمال.
إذن، لا داعي لهذا «التنابز» بين وزارة الصحة وهيئة مكافحة الفساد، ومحاولة كل منهما الظهور وكأنها صاحبة الفضل في الكشف عن عملية الاختلاس وسرقة الأمصال والأدوية من مخازن مديرية الصحة، التي قام بعض ضعاف النفوس بارتكابها.
كلتا الجهتين قامت بواجبها؛ فوزارة الصحة استعانت بهيئة مكافحة الفساد، والهيئة أيضاً استعانت بجهات الاختصاص من المباحث الإدارية والتحقيق والادعاء ووزارة الصحة عن طريق متخصصين وفنيين؛ لتحديد نوعية الأمصال والأدوية المسروقة من مستودعات وزارة الصحة.
إنه تعاون إيجابي، ومثال يجب أن يُحتذى به؛ للكشف عن أية عمليات فساد أخرى، وأن تكون هذه العملية والتفاهم والتعاون بين وزارة الصحة وهيئة مكافحة الفساد بداية لتعامل كل الأجهزة الحكومية وحتى مؤسسات القطاع الخاص مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد؛ ولهذا فلا حاجة لحصر النجاح وإبراز دور «البطل» في مسألة مَنْ كشف عملية فساد ومختلسي الأمصال والأدوية؛ فكلتا الجهتين (وزارة الصحة وهيئة مكافحة الفساد) قامت بدورها، ولكل منهما نصيب في النجاح الذي تحقق.
أما البطل الحقيقي في هذه المسألة فهو (التعاون) بين الأجهزة الحكومية التي تداخلت في العملية، وحققت الهدف المنشود؛ حيث ما كان لهيئة مكافحة الفساد أن تحقق النجاح المطلوب لولا التعاون الصادق من هذه الأجهزة، بدءاً من بلاغ وزير الصحة.
لتحفيز مثل هذا التعاون، ولمحاصرة عمليات الفساد التي لا ينكر أحد وجودها، مطلوب وقف «التنابز» بين وزارة الصحة وهيئة مكافحة الفساد في هذه المسألة، وعلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بخاصة عدم الاسترسال في هذه المسألة، ومحاولة حصر النجاح عليها وحدها، وتقمص دور البطل؛ حتى لا تحجم تعاون الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى معها.