الأمر الوحيد المفرح في كشف هيئة الفساد للاختلاسات التي حدثت في وزارة الصحة، أن هذه الظاهرة تتكرر باستمرار، ليس (في إحدى المحافظات) كما أتحفتنا الهيئة وكأنها تتستر على الفاعلين، بل في غيرها من المحافظات، وهذا ليس بجديد.. فالتهاون بممتلكات الوزارات، تتم ممارسته على أساس أن تلك الموجودات «حلال حكومة»، فأيّ مسؤول أو موظف سيعتبر أن الأخذ منها، لا يتنافى مع العرف السائد.
إذاً، ولو حددت الهيئة بالأسماء، ما هي الجهة التي اختلست، ومن هم الأشخاص الذين اختلسوا من «حلال الحكومة»؟.. فسوف نكتب السطر الأول في صفحة إيقاف هذه الظاهرة. سوف لن تُسرق الأدوية، ولن تُنقل أجهزة الحواسيب إلى البيوت، ولن تُعطى سيارات المسؤولين للأبناء ليفحطوا فيها في الميادين، ولن تُوضع نثريات الإدارات في البنوك الربوية بأسماء شخصية، ولن يُعالج الأصدقاء بأسماء موظفين! كل ألاعيب الفساد الصغيرة هذه، ستكون بعدئذ مكشوفة للعيان.
وبعد هذه المرحلة، سنصل بعون الله إلى المرحلة الأهم، وهي كشف الفساد المتوسط، وهو أكبر أشكال الفساد تأثيراً على المال العام، لأنه تحول مع الوقت إلى ضرورة وظيفية في العديد من المصالح، وبالقضاء عليه، سوف يَسْهُل القضاء على الفساد الكبير، ولو بعد حي.