ماذا يعني أن يتم توظيف 116 مواطناً فقط، مقابل استقدام مليون وثمانمائة ألف وافد للمملكة خلال عام 1431-1432هـ..؟! هل يعني هذا أن المملكة تفتقر إلى الأشخاص السعوديين المؤهلين للعمل؟ وهل يعني أن جميع طالبي العمل من السعوديين قد استوعبهم سوق العمل السعودي، ولهذا نعوض الطلب بالاستقدام من الخارج؟!!
كل هذه الأسئلة تواجه بواقع يقول عكس ذلك، فقد كشفت قوائم تلقي المساعدات المالية من الشباب الذين لم يحصلوا على وظائف أن هناك أكثر من مليون شاب يبحث عن عمل. ثم أن يصل الاستقدام إلى مليون وثمانمائة وافد فهذا يعني أن هناك خللاً تنظيمياً يجب أن يعالج بحكمة وبتخطيط علمي دون إبطاء وفي وقت لا يقبل التراخي، فهذا الاستقدام المبالغ به مهما كانت الأسباب والمبررات لا يجب السكوت عنه بحجة أن الفئات المستقدمة تغطي مهناً لا يُقبل عليها السعوديون، فهذه الحجة ليس لها من الصحة إلا شيء واحد هو تدني أجور العمالة الوافدة؛ ولهذا تقبل الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص على استقدامهم رغم تدني كفاءاتهم.
الأهم من ذلك هو إغراق البلد بهذا السيل من الجنسيات والأقوام الذين أصبحوا يشكلون بؤراً استيطانية قد لا نشعر بخطورتها في الوقت الحاضر، إلا أن الاستمرار على هذا النمط في الاستقدام والتكالب على استقدام العمالة سيرفع من تواجد جنسيات من بلدان عرفت بتصديرها للعمالة التي يؤدي ازديادها إلى تنوع نشاطاتها وتكوين أشبه ما يكون باقتصاديات الجاليات، وقد بدأنا نلاحظ كثرة منافذ البيع الخاصة بتلك الجاليات، فهناك البقالات الهندية والبنغالية والباكستانية بالإضافة إلى المطاعم الخاصة بهم، بل وجود نظام أشبه بنظام مصرفي ينظم التحويلات المالية لبلدانهم، فضلاً عن شبكة اتصالات سواء عبر الإنترنت واستحداث نظام خاص بهم لتحرير المكالمات.
بدايات تكون البؤر الاستيطانية للجنسيات الوافدة التي بدأت تتتسع في المملكة سيحولنا إلى أقليات في بلدنا، وهذا القول ليس تهويلاً بل هو نتيجة أصبحت واقعاً في الدول المجاورة التي أصبح بها الهنود والبنغال والإيرانيون أكثر من أبناء البلد إلى الحد الذي يضطر المواطنون إلى تعلم لغة الوافدين حتى يستطيعوا أن يتفاهموا مع من يدير الأعمال في تلك البلدان فلم يعد الوافدون مجرد عمال بل أصبحوا يديرون المؤسسات والبنوك والمتاجر والمجمعات التجارية وكل منافذ البيع، ويكتفي المواطن في تلك البلدان في الحصول على نسبة قليلة من الأرباح ويكتفي بركوب السيارت الفاخرة والملابس الباهظة الثمن ويترك الثروة للوافدين وحتى لا تصبح بلادنا نسخة مكررة عما يحصل في البلدان المجاورة علينا أن نراجع سياسة الاستقدام وسياسة وأسلوب توظيف المواطنين بحيث لا يتجاوز الاستقدام 10% من نسبة توظيف المواطنين وتكون الفرص الوظيفية للمواطن أولاً بغض النظر عن تدني الأجور للعمالة الوافدة.. فهذا التدني يتبعه أعباء أمنية ومستقبلية تصل إلى حد تهديد مستقبل الوطن.
jaser@al-jazirah.com.sa