أن تكون مواطناً صالحاً هذا لا يعني أنك أعطيت كل حقوقك، سؤال طرحه علي شاب يبحث عن عمل كان هذا جوابي له يقول سؤاله: كيف تريدوننا أن نكون مواطنين صالحين ونحن لم نعط حقوقنا؟
في نظر هذا الشاب أن تأمين الوظيفة الحكومية حق يجب أن يعطى، وهذا خطأ يجب تصحيحه، الدولة مسؤولة عن التعليم ويجب عليها وجوباً تعليم كل شباب الوطن مجاناً، لكنها غير مسؤولة عن توظيفهم،
قد تكون مسؤولة عن تهيئة بيئة العمل المساعدة على خلق الفرص، لكنها غير ضامنة لكل خريج بوظيفة حكومية، تلك الوظيفة التي من وجهة نظري يجب أن لا تكون غاية ما يطمح إليه الشاب، فالطموح الحقيقي أن تعمل في القطاع الخاص الذي يعد المصنع الحقيقي للخبرات المميزة، لكن القطاع الحكومي في غالبه يخرج المتواكلين و(المتمسحين) والمتمسح هو ذاك الرجل الذي يجيد مسح الجوخ كما يقول المثل المصري، وهذه النوعية من الموظفين تصل وتتربع على كراسي المسؤولية التي قد لا تستحقها، القطاع الحكومي اذا أفلح جاء تخريجه في خريف العمر، أما القطاع الخاص فخريجوه من أول يوم يلجه الشاب وهو في سباق مع الزمن لتحقيق النجاحات تلو النجاحات، ولذا ترى موظفي الدولة المميزين جاءوا من القطاع الخاص لا من القطاعات الحكومية إلا ما ندر.
المواطن الصالح هو من يستشعر مسؤوليته الوطنية مهما كانت ظروفه، لا ينظر لمصلحته الخاصة بقدر ما ينظر لمصلحة وطنه، كما قال الإمام أحمد رحمه الله (لو أعلم لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان) في إيثار كبير لكون صلاح ولي الأمر صلاحاً لجميع الناس، فكيف إذا لم تكن القضية قضية حق مفقود وإنما افتقاد فرصة لم تأت إليك وإنما ذهبت لآخر. ثقافة الحقوق والواجبات شبه معدومة عند شريحة كبيرة من المجتمع وخاصة فئة الشباب، يعتقدون أن من حقوقهم الواجبة على الدولة إيجاد الوظيفة! وهذا خلط كبير في الفهم، واجب الدولة أن تصنع البيئة الموجدة للوظيفة لا أن توجدها، وعلى الشاب أن يهيئ نفسه ليكون منافساً للظفر بهذه الوظيفة أو تلك.
نعلم أن مئات الآلاف من الوظائف يشغلها غير سعوديين وهذا عيب في الشاب السعودي وليس في الدولة، لست محامياً للدولة ومدافعاً عنها ولكن من باب العدل {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ} (152) سورة الأنعام. العيب في الشاب السعودي أنه يريد أن تأتيه الوظيفة على طبق من راحة أو واسطة، لا يريد أن يقدم نفسه حاملاً سيرة حافلة بالدورات التطويرية والورش الإبداعية، معتقداً أن من حصل على المؤهل الجامعي أو حتى ما بعده يعد إنجازاً يستحق عليه تسنم الوظائف القيادية!
إننا أمام معضلة شبابية يجب على الدولة التدخل لحلها ولن يكون حلها إلا بمنح الشباب فرصة التدريب وتطوير الذات من خلال الحاقهم بمراكز التدريب للشركات العملاقة مثل شركة أرامكو وسابك وغيرها من شركات الوطن المشهود لها بالتميز كمتدربين وليس موظفين، وبعد انتهاء فترة التدريب سيجدون الشركات والبنوك تتلقفهم بكل ترحاب.
إنني أعتقد أن العناية بتدريب الشباب وليس تدريسهم فقط في غاية الأهمية، ولن يكون التدريب والتطوير مجدياً ما لم يكن في مراكز صنع الشباب الحقيقية وأعني مراكز التدريب للشركات الكبرى، وعلى صندوق تنمية الموارد البشرية التكفل بدفع المكافآت والرسوم إن استدعى الأمر ذلك.
قد يسأل سائل ولماذا في مراكز تدريب الشركات الكبرى وليس في مراكز التدريب المنتشرة في كل المدن؟ والجواب بكل بساطة أن مراكز التدريب التجارية أثبتت وبكل أسف أنها تمنح شهادة ورقية لا تحمل أي قيمة علمية!
مخرجات التعليم الأهلي وخاصة في مجال التدريب باتت مكشوفة للعيان ولا تحتاج إلا فطنة فطين فهي تجارية بحتة لا تستشعر المسؤولية ولا تراقب الضمير إلا ما شاء الله، لذا تجد الكثير من الشباب يحملون سيرة ذاتية زاخرة بالدورات المتعددة ولكنهم لا يحملون أي قيمة علمية، وهذه مشكلة كبرى يجب على الدولة التدخل المباشر في حلها، وليس من الحلول اللجوء إلى الإغلاق كما حدث مع المعاهد الصحية التي أتخذ القرار في عتمة ليل أضر أكثر مما نفع،نحن بحاجة إلى أن نكون مستفيدين من تجارب الآخرين غير مقلدين وأعني بذلك أن نقرأ تجارب الدول ونستفيد من الخطأ قبل الصواب لنحقق النتائج المرجوة - بإذن لله -
والله المستعان،،،
almajd858@hotmail.com