أقول هذا من باب الأمل والتفاؤل والتطلع، مستنداً في ما أقول؛ إلى معطيات مهمة عرفتها من بعيد عن الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ الشيخ الدكتور (عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ). وفقه الله في مهمته القيادية الصعبة في هذا الجهاز، وأن يأخذ بيده لكي يُدخل جهاز الهيئة في تاريخنا الإنساني المعاصر.
أقول معطيات؛ وأنا أعني قراءتي الشخصية لما ظهر لي من تصريحات وأقوال للشيخ عبد اللطيف، فهو ما إن دخل مكتبه في أول يوم عمل له قبل أسبوع، حتى وضع حداً لمن كنا ننادي منذ زمن بعيد، بإبعادهم عن عمل الهيئات، وهم المتعاونون من خارجها، فأوقف تعاونهم، بل زاد وطالب بضبط العمل الميداني وفق الأنظمة والتعليمات، وإيقاف التجاوزات التي كانت سبباً في علاقات مستفزة ومتوترة ودموية أحياناً بين رجال الهيئات والمواطنين والمواطنات.
هذه بداية أكثر من جيدة، ومعطيات إيجابية إذا ما أضفنا إليها أقواله وتصريحاته في الصحافة قديماً وحديثاً، فهي في مجملها تدل على شخصية قيادية متوازنة، تملك رؤية واضحة، وتتمتع بشفافية واعتدال، تساعدانه على التغيير المطلوب والمُلحّ في هذه المرحلة، والعمل بمنهج منطقي جديد، يقوم على التصالح والتسامح والألفة بين رجال الهيئات وشرائح المجتمع، وتقديم اليسر على العسر، وتفضيل الستر على الفضح، وتجنب الصدام مع البشر، والبعد عن سوء الظن، والشك، والحكم بالنوايا، وكذلك إبطال أساليب التلصص والتجسس على عباد الله، ثم وقف تجنيد العيون العميلة والمستأجرة في الفنادق والمتنزهات والمقاهي، بعد وقف تعاون المتعاونين، الذين أساءوا لعمل الهيئة، وشوهوا صورتها، لأن منهم منتهزاً يرغب في تصفية حسابات خاصة، وآخر متحمسا ومندفعا بغباء، وثالثا مخلصا؛ لكنه جاهل لا يحسن التعاطي مع المواقف التي يواجهها.
دعونا نتفاءل بمستقبل الهيئات ودورها القادم في: (الأمر بالمعروف بمعروف، والنهي عن المنكر بلا منكر)- كما قال بذلك رئيسها الجديد- فهذه هي الرؤية التي كنا ننتظرها، فجهاز الهيئة من الأجهزة المهمة التي تتماس مع الحياة اليومية للمجتمع، وقد حظي باهتمام خاص من وسائل الإعلام وكتاب الرأي على مدى عشر سنوات خلت، بما يفوق وزارة التربية والتعليم تقريباً، لأن المجتمع يبحث عن علاقة حميمة مع جهاز الهيئة ورجالها، والذين تعاقبوا على قيادة هذا الجهاز، كان البعض منهم يعمل للتغيير وتقريب الفجوة بينه وبين الناس، لكنه قوبل على ما يبدو بممانعة شديدة من داخل الجهاز نفسه، وبضغوط كبيرة من أولئك الذين يصرون على فرض وصايتهم على الهيئة وهم خارجها، ويجهدون من أجل توجيه بوصلتها وفق أجندة مؤدلجة، ومنهم ذلك الشيخ الذي امتدح الشيخ عبد العزيز الحمين- وهذا جيد- لكنه زاد فهجا الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ يوم صدور قرار تعيينه، ونحن نظن أن الشيخ الحمين حاول جهده في الإصلاح، لكن ناله ما نال الشيخ ( عبد العزيز السعيد)، الرئيس الأسبق للهيئة، الذي ذكر بعد خروجه من رئاستها، أنه لم يستطع فعل شيء يذكر، وقال: (عجزت عن الإصلاح، بسبب المندسين والمدسوسين والممانعين)..!
ينبغي على المجتمع، أن يساند الهيئة في مرحلتها التحولية الجديدة بوعي كامل، وأن يعرف حقوقه حتى لا تنتهك، ويدرك ما عليه من واجبات أخلاقية وسلوكية، فلا يتجاوزها، فالرئيس الجديد يقول: (إن عمل الهيئة في المستقبل من وإلى المجتمع).
هناك قضايا فقهية خلافية، يحمل الأفراد سواء في الهيئة أو في غيرها، مفاهيم مختلفة عنها، مثل مفهوم الاختلاط والخلوة، والخلط بينهما، ومفهوم عمل المرأة في المحلات وسواها، وعلى جهاز الهيئة، أن يُخضع هذا كله إلى نظام واضح صارم، لا يسمح لأي فرد بتخطيه وفق مفهومه الخاص، أو تفسيراته الشخصية. العمل في إطار تعليمات الدولة وأنظمتها، يجب أن يبقى بعيداً عن مزاجية العاملين، ومن يرى أنه فوق هذه التعليمات والأنظمة، عليه أن يلزم داره، ويكف أذاه عن عباد الله.
للشيخ عبد اللطيف -وفقه الله- آراء إيجابية منشورة سابقاً في مسائل تتقاطع مع العمل الميداني لرجال الهيئة، فهو يرى أن: (التشدد في موضوع الاختلاط غير مبرر، وأن الاختلاط جائز ضمن ضوابط معينة). ويرى أن: (قيام المرأة بالبيع في المحلات المخصصة للمستلزمات النسائية جائز، بل مستحب، لما يفضي إليه من مصلحة ظاهرة للمرأة البائعة والمشترية).
assahm@maktoob.com - Assahm1900@hotmail.com