جاء الوقت الذي تتحرر الجامعات من البيروقراطية والإجرائية السلبية التي حالت دون أن تتحول إحدى جامعاتنا إلى جامعة بحثية أو تعترف بحقوق الباحثين باستثناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بجدة بصفتها أنموذجاً للجامعات العالمية... هذا الوقت قرره الملك عبدالله -حفظه الله- يوم أعلن في كلمته للمشاركين في أعمال مؤتمر الصناعيين الخليجي الـ13 يوم الثلاثاء الماضي، حيث قال الملك عبدالله: (إن المملكة قامت بتبني خطة وطنية للعلوم والتقنية يصل تمويلها إلى أكثر من (8) مليارات ريال وسوف يؤدي تنفيذها إلى تحقيق نقلة كبيرة في دعم البحث العلمي والتطوير التقني ونقل وتوطين التقنية والتحول إلى مجتمع المعرفة وإعطاء المنظومة التعليمية القدرة على إنتاج طاقات بشرية مؤهلة. ومن هذا المنبر وفي ظل ما يشهده العالم من تطورات متسارعة فإنني أوصي بدعم وتشجيع التعاون بين الجامعات والشركات الصناعية في مجال البحث العلمي ودعم البحث في الصناعة، وتبني ودعم عمل شباب دول الخليج في مجال البحث العلمي..) انتهى. جريدة الجزيرة يوم الثلاثاء 24-2-1433هـ، هذه وثيقة وتوجيه من الملك عبدالله.
أولاً: توجيه لوزارة التعليم العالي بالعمل على إنشاء جامعات بحثية مستقلة.
ثانياً: توجيه للجامعات السعودية في التسريع في مجال البحث العلمي أو التحول إلى جامعات بحثية.
ثالثاً: توجيه للجامعات في إعادة صياغة الإجراءات الإدارية والأكاديمية لقبول باحثين واستقطابهم في وكالة الجامعة للبحث العلمي دون ربطهم بالتعيين في الكليات والأقسام وإنما يتم التعيين مباشرة على وكالة البحث العلمي.
رابعاً: السعي لإعطاء الباحثين حقوقهم باعتبارهم هيئة منفصلة عن أعضاء هيئة التدريس، لهم استقلاليتهم الإدارية والإجرائية...
نحن بالمملكة تأخرنا كثيراً وطويلاً بقبول البحث العلمي جهازاً بحثياً مستقلاً له لوائحه وأنظمته داخل الجامعات وتم التركيز على التدريس فقط حتى تحولت جامعاتنا إلى جامعات تدريس كامتداد للتعليم العام والمرحلة الثانوية في حين أن نظام التعليم الجامعي يقوم على ثلاث أضلاع هي: التدريس، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع. وقد استحوذ التدريس بالنصيب الأكبر من ميزانية الجامعات ثم خدمة المجتمع من المستشفيات والإسكان والمشروعات الاجتماعية الأخرى، وبقي البحث العلمي معلقاً حتى إداراته وموقعه في الهيكل التنظيمي للجامعات غير مستقر، مرة يلحق بوكيل الجامعة, ومرة بوكيل الدراسات العليا، ومرة أخرى بوكيل الجامعة للشؤون التعليمية، وحالات يربط بمستشار بمكتب مدير الجامعة...
الملك عبدالله كشف الغطاء عن حال البحث العلمي بالجامعات، وهذه مسؤولية وزارة التعليم العالي بأن تسارع لإعادة صياغة البحث العلمي بصفته الضلع الثالث الذي يقوم عليه التعليم الجامعي, وأيضاً على الجامعات أن تعيد بناء البحث العلمي بصفته كياناً مستقلاً في وكالة وعمادات, ومستقلاً عن الدراسات العليا أو وصاية الوكالات الأخرى. الأمر الآخر، إلى متى تستمر مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومهما كان طاقتها في احتضان واحتواء و(مراكمة) الباحثين في مدينتها؟! ومهما استوعبت من أعداد الباحثين فهي -أي مدينة الملك عبدالعزيز- لن تتحول إلى هيئة هدفها (تسكين) وتوظيف الباحثين في سجلاتها، لأنه أمامها ميزانية وأرقام وظائف محددة. فهل نسمع قريباً بجامعة بحثية وتنظيم جديد للبحث العلمي داخل الجامعات؟!
a4536161@hotmail.com