حوار - عايض البقمي:

تبعاً للسياسة القائمة على المبدأ القائل بأن النوعية قبل الكمية! وأفضل منها بكثير فإن صاحب السمو الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية والفارس الرياضي وأحد أكبر مؤسسي سباقات القفز والحواجز بالمملكة كان سبّاقاً إلى تطبيق هذا المبدأ في مزارعه الخاصة بإنتاج خيول قفز الحواجز.. والتي تتخذ من العاصمة البريطانية (لندن) مقراً لها منذ تأسيسها عام 1997م وطوال تلك الأعوام وبعيداً عن الإعلام وصخبه وأضوائه وبلغة العمل الاحترافي في عمليات التطوير كانت نجاحات تلك المزارع الإنتاجية تتصدر أخبار الصحف البريطانية من خلال إنتاجها الفاخر ووسط غياب مخجل لإعلامنا الفروسي.. وبالأمس القريب وبعد أن ضرب الأمير تركي بن محمد ونجله المهذب سلطان أروع المواقف التي جسدت أسمى معاني الإيثار وهم يقدمون الجواد العالمي سلطان كهدية للملك المفدى عقب تأهل فرسان الذهب للأولمبياد لندن. أبى هذا الموقف النبيل إلا أن يحرك فينا ولو على استحياء الرسالة المطلوبة منا كإعلام فروسي وتسليط الضوء على هدية الموسم (السلطانية) وعرابها الأمير تركي بن محمد.. والعديد من المحاور حول أدوار مدرسة الفروسية الدولية وهذه الرياضة بفرسانها الذهبيين والتي نسعد كثيراً وبعد محاولات عديدة قبول الرجل السياسي والفارس الرياضي الأمير تركي على الاستجابة في إجراء هذا الحوار والذي نثق بأنه سيكون حوار الموسم صراحة وإجابة.. وإليكم ما دار في هذا اللقاء..

* تشرفتم الأسبوع الماضي سمو الأمير تركي بتقديم هدية (الموسم) لرياضة سباقات القفز والحواجز والتي تمثلت في إهداء الحصان العالمي (سلطان) لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله - حفظه الله - والذي قدمه - حفظه الله - هدية لأبنائه الفرسان الأبطال بمناسبة تأهلهم لأولمبياد لندن الصيف المقبل؟ هل لنا بتفاصيل أوسع حول هذا الموقف النبيل؟

- بداية أود أن أعبّر أنا والابن (سلطان) عن بالغ سرورنا وغبطتنا بعد قبول سيدي خادم الحرمين الشريفين هديتنا المتواضعة لمقامه الكريم فهي هدية من ابن إلى والده ولا شك أن قبوله تلك الهدية أدخل السرور علينا، فالملك عبد الله هو راعي الفروسية الأول والذي قدم الغالي والنفيس وطوال أكثر من أربعة عقود لكي تتبوأ هذه الرياضة مكانتها اللائقة بها بتوجيهاته السديدة وإشرافه الأبوي الحاني والفروسي النبيل كون هذه الرياضة جزءاً من تقاليدنا وعاداتنا، وبفضل اهتمامه - حفظه الله - اعتلت سباقات القفز والحواجز السعودية عرش زعامة الخليج والعرب وآسيا لتتوج بالتأهيل لأولمبياد لندن والوقوف والمنافسة مع أفضل المنتخبات العالمية المتأهلة.

* وكيف تنظر سمو الأمير بصفتك الخبير وأحد أبرز المؤسسين لهذه الرياضة إلى هذا التأهل وأبعاده ونتائجه الإيجابية والمشرفة؟

- التأهل بحد ذاته إنجاز لفرساننا الأبطال وهو بلا شك يشكل تحدي ومنعطف جديد على خارطة الأولمبياد العالمية وبعد أن أصبح الفارس السعودي يتواجد في أقوى البطولات العالمية وتعدى مرحلة الوصول والمشاركة في مثل هذه البطولات إلى المنافسة وأملنا كبير أن يحقق منتخب المملكة النتائج المرجوة فلديه من الخبرة والجياد المميزة ما يؤهله إن شاء الله من إحراز نتائج قيمة في هذه البطولة الدولية.

* وكيف بدأت فكرة تقديم الجواد (سلطان) لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - والذي يحرص على توفير كل ما يلزم للمنتخب السعودي لقفز الحواجز؟

- خلال مؤتمر القمة لمجلس التعاون الذي عقد في العاصمة الرياض مؤخراً التقيت بكل من سمو الأخ الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد وزير التربية والتعليم ورئيس مجلس أمناء صندوق الفروسية وسمو الأخ الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز رئيس صندوق الفروسية وكان الحديث يدور حول الاستعدادات القائمة لتمكين الفريق السعودي من تقديم مشاركة إيجابية بعد تأهله في الأولمبياد، وتطرق الحديث إلى الجواد (سلطان) والذي يعتبر من أفضل الجياد الموجودة على الساحة العالمية وبالفعل ذكرت لإخواني سمو الأمير فيصل وسمو الأمير تركي أن فرحة تأهل المنتخب ستكون مناسبة طيبة بأن أقدم الحصان (سلطان) هدية متواضعة لمقام سيدي الكريم وبالفعل قدمته لمقامه الكريم هدية متواضعة وقد قبل والد الجميع بها والابن سلطان هو من يملك الحصان وأشرف على إنتاجه وقام بالاتصال بأخيه الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز لتقديمه هدية متواضعة من الابن لفارس وراعي الفروسية الأول.

* هل لنا تفاصيل أوسع عن الجواد (سلطان) وما هي سلالته؟ وأبرز نتائجه؟

- ما يشعرنا بالفخر والسعادة هو أن هذه الجواد من إنتاج مزرعتنا الخاصة لتربية خيول القفز ومقرها في بريطانيا أي أنه إنتاج لمالك سعودي وسيشارك تحت علم المملكة الخفاق دوماً وأبداً، والحصان سلطان من مواليد 2002 وأمه من أفضل خيول الإنتاج وموجودة في المزرعة بينما والده هو الجواد الأولمبي السويدي (إركو مينا)، وأبرز نتائجه والتي ذكرها لنا أثناء الحوار الأمير سلطان بن تركي بدقة متناهية: هي: تمثيله عام 2009 في بطولة العالم لجياد الإنتاج ممثلاً بريطانيا وهي البطولة التي أقيمت في مدينة لناكن (بلجيكا) وفي نفس العام تمكن من الفوز بالبطولة الأشهر في بريطانيا (بطولة فوكس هانتر) كما حصل على جواد العام في البطولة السنوية البريطانية، وتسمى بالطويلة الوطنية في بريطانيا وحصل على لقب (حصان الوطن) بعد أن تفوق على جياد عالمية أكثر منه خبرة، ويضيف الأمير سلطان عن إنجازاته إلى أن بزوغ نجمه بدأ من بطولة (فوكس هانتر)، حيث اختاره الفريق البريطاني ليمثّله في كأس الأمم في السويد وبلجيكا والبرتغال وإسبانيا، حيث تمكن في مدينة خيخون الإسبانية من تحقيق جولتين بدون أخطاء ليجلب للمنتخب البريطاني أفضل نتائج هذه البطولة مقارنة لبقية جيادهم وهو ما مكّن المنتخب البريطاني من الحصول على المركز الثاني في كأس الأمم وحصول الجواد سلطان أيضاً على المركز الثاني في شوط الجائزة الكبرى على المستوى الفردي، واعتبر الأمير سلطان هذا الجواد في مقتبل العمر ولا زال لديه الكثير الذي لم يقدمه، واصفاً إياه بأنه يشبه الحصان الأسطورة في قفز الحواجز (ملتون) والذي امتطاه الفارس العالمي جون وتكر الأفضل على مستوى العالم عندما تخطى حواجز المليون دولار، وأشار سمو الأمير سلطان إلى أن (سلطان) يشبه الأسطوري ملتون في الحجم وحتى اللون.

* ربما لا يعلم الكثيرون أن الأمير تركي بن محمد هو من المؤسسين لرياضة قفز الحواجز بالمملكة من خلال إنشائه لأول مدرسة دولية لقفز الحواجز منذ 42 عاماً، ما هي أبرز تلك المسيرة سمو الأمير لهذا النادي العريق والذي لا زال يؤدي رسالته السامية حتى اليوم؟ وأبرز الفرسان الذين تخرّجوا من هذه المدرسة المسماة (بالدولية وتقع في حي الملز)؟

- أنشئت المدرسة الدولية عام 1388هـ - 1965م وكانت الأرض تعود ملكيتها للوالد الأمير محمد بن سعود الكبير - رحمه الله - وهي أول مدرسة تنشأ في المملكة لرياضة قفز الحواجز وقامت بجهود فردية وبمساعدة الأخ يعقوب الصالح وحيث لم يكن في بدايتها موقع خيل قفز. تقدمت للوالد بإعطائنا تلك الأرض والذي رحب - رحمه الله - بتلك الفكرة وكنا نعتمد بخيل السباق المصابة ونحولها للقفز رغم صعوبة ترويضها واستمرت المدرسة حتى اليوم ويقام فيها بطولات إقليمية ودولية ومعظم الفرسان المحليين والدوليين تخرجوا من هذه المدرسة وفي طليعتهم الفارس خالد عبدالعزيز العيد والفارس رمزي حمد الدهامي والفارس عدنان يعقوب البيتوني والفارس الشاب سليمان محمد العنبر وغيرهم الكثيرين.

* تعتبر مزرعة سموكم في بريطانيا الوحيدة والمملوكة لمالك سعودي وخليجي على مستوى العالم مصنع خصب لتخريج جياد القفز؟ ما هو سجل هذه المزرعة وأفضل الأسماء التي قدمتها للمضامير السباقية؟

- مزرعتنا في بريطانيا تأسست عام 1997م وقامت على أسس مهنية من حيث انتهى الآخرون ولله الحمد حصلت على العديد من الإنجازات، حيث تم تصنيفها بأفضل عشر مزارع على المستوى الأوروبي كما تم اختيارها عام 2006م على أفضل إسطبل منتج في بريطانيا، أما الجياد التي أبرزتها وأنتجتها هناك (الجواد سوبر تروبر) الذي فاز بجائزة (Horse of the year show) وكذلك الفرس (ليتل لافيني) التي حصلت على المركز الثاني في (الفاند ريزر) وحصلت على الميدالية الفضية في بطولة أوروبا للشباب، وكذلك الجواد (بريك فيلد بوي) في بطولة أولمبياد من فئة الخمسة نجوم وهناك جياد ينتظرها مستقبل كبير قياساً سلالتها وبداية مشاركتها مما أعطى الانطباع الجيد بأنها ستكون إن شاء الله من خيرة الجياد منها (فهد، عبد العزيز، عاصفة الصحراء، الصقر الذهبي بالإضافة إلى الحصان المتميز سلطان).

* يقول مستشار رئيس الاتحاد السعودي للفروسية الأستاذ سامي الدهامي بأن الحصان العالمي سلطان جاء في الوقت الذهبي المناسب، وبإمكانه أن يواصل مسيرته حتى أولمبياد البرازيل؟

- بداية أثني على ما قاله المستشار سامي الدهامي والذي اعتبره مكسباً كبيراً للاتحاد السعودي فكراً وخبرة إدارية بعالم سباقات القفز والحواجز وأوافق الدهامي فيما ذهب إليه، حيث بإمكان الحصان (سلطان) مواصلة مسيرته كونه لا زال في مقتبل العمر وبإمكانه إعطاء المزيد والمشاركة في بطولة العالم التي ستقام عام 2014م بفرنسا وأنا على ثقة كبيرة بأنه سيكون تحت إدارة متمكنة ومتمرسة ولديها تخطيط سليم في كيفية إدارة هذه الخيول المتميزة في نتائجها وآمل أن يحقق المرجو منه.

* تسمية الجواد (سلطان) على من سمو الأمير؟

- أسميته على ابني الأكبر سلطان والذي يعتبر المشرف العام على مزرعة الإنتاج والذي أبدى إعجابه به منذ ولادته كمهر.

ونعم الاسم ونعم المسمى سمو الأمير.

* ما صحة العرض الذي قدم لكم والذي يصل إلى 10 مليون جنيه إسترليني من أحد كبار الملاك في أمريكا وفرنسا؟

- بالفعل وتحديداً في شهر أكتوبر الماضي اتصل اثنان من كبار ملاك خيل القفز في أمريكا وفرنسا وقدموا عرضهم بـ7 مليون جنيه إسترليني ثم عادوا ورفعوه إلى 10 مليون مع الابن سلطان والذي لو أخذ مشورتي لباعه قياساً بسعره المغري (قالها الأمير مبتسماً) وحيث إن المفاوضات لم تنقطع ولكن الابن سلطان فضل أن يرى الحصان سلطان مشاركاً أساسياً في الأولمبياد في بريطانيا على ما عرض عليه من مبلغ جيد، إلا أن تأهل المنتخب السعودي للأولمبياد أنهى كل تلك المفاوضات وتم تقديمه للوالد القائد الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -.

* ما هي هذه القصاصة سمو الأمير تركي والمكتوبة باللغة الإنجليزية؟

- هي مقالة لأحد الكتاب الرياضيين الإنجليز في الصحيفة المختصة برياضة قفز الحواجز يشيد بقدرات الحصان سلطان ويوصي بضمه للمنتخب الإنجليزي بعد تفوقه على جياد متأهلة ستشارك في أولمبياد الصيف المقبل مثل الجواد المشهور البريطاني (كارلو) بقيادة الفارس الأولمبي سكلتون.

* ما هي المواصفات الأكمل والعلامات الفارقة الأجمل بنظرة الخبير والرياضي الكبير تركي بن محمد؟

- عدة مواصفات يأتي في مقدمتها سلالته وتناسقه (ليس صغيراً أو كبيراً) وأن يكون حريصاً ولديه القدرة على قفز الحواجز الكبيرة ومدى سرعته والتي تجتمع في قالب الميكانيكا الحيوية والعامل الجسدي لحصان القفز من خلال حركة القائمتين عند الاستدعاء والدفع سواء الأفقي أو العامودي والذي يرتكز على المحور الثلاثي لعضلات الظهر الكبيرة والعضلة الصدرية الصاعدة.

* سمو الأمير تركي كيف ترى حظوظ فرساننا في خطف الميداليات الذهبية في أولمبياد لندن شهر (أغسطس) المقبل؟

- أولاً أهنئ فرساننا على ما حققوه من إنجازات في الأعوام الماضية والتي توجوها بهذا التأهل الكبير وهي نتائج تدعو للتفاؤل بأن يكون للمنتخب السعودي كلمة وبصمة في هذا المحفل التاريخي تدعمهم الخيول العالية المستوى والتي يعود الفضل والشكر لله ثم مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين ومن خلال صندوق الفروسية الذي بالفعل قرب رحلة الألف ميل إلى أميال وأنا على ثقة وتفاءل بأن نشاهد علم المملكة يرتفع في الأولمبياد المقبل والأهم في هذه الخصوص أن فرساننا أصبح لديهم ثقافة الفوز بعد أن أصبح الفرسان والمنتخبات العالمية تأخذ بعين الاعتبار مشاركتهم وتحسب لهم الحساب وفقاً لنتائجهم السابقة وقدرتهم على المنافسة.

* من يعجبك من فرسان المملكة سمو الأمير وهل ستتواجدون في قلب الحدث مع منتخب الأحلام؟

- فعلاً هذا المنتخب يستحق لقب فريق الاحلام وجميع فرسان المنتخب هم فرساني المفضلين كخالد العيد وعبد الله شربتلي ورمزي الدهامي وسمو الأمير عبد الله بن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وكمال باحمدان وفيصل الشعلان وغيرهم، وبعون الله سنتواجد في لندن صيف هذا العام مع منتخبنا وأبطالنا دعماً ومساندة متمنين لهم التوفيق والنجاح.

* الفارسة السعودية نجحت في سباقات التحمل بشكل لافت غير أن بروزها في سباقات قفز الحواجز لا زال غائباً؟

- أتمنى أن تعطى الفارسة السعودية الفرص في هذا المجال وهي قادرة على ذلك ولا ننسى الإنجاز الذي حققته الفارسة دلما محلس في الصين وتحقيقها مركزاً متقدماً في أولمبياد الشباب الأخير وحصلت على الميدالية الفضية.

****

لقطات من الحوار

* أنجال الأمير تركي: سلطان وفهد ومحمد تواجدوا أثناء الحوار الذي امتد لثلاث ساعات.

* المعلومات التي يكتنزها الأمير سلطان بن تركي عن رياضة القفز والحواجز ترتيبها وأبطالها وفرسانها! كانت مثار إعجابنا الكبير والسؤال الذي يبحث عن إجابة أين اتحادنا الفروسي في الاستفادة من فكر واحترافية الأمير الشاب ولاسيما الفكر الإداري الذي يختزله الأمير سلطان في الركيزة الأساسية ألا وهي صناعة خيل قفز الحواجز ومواصفات سلالتها تطابقها وأفضلها.

* الأمير محمد بن تركي راهن كثيراً على حصول فرساننا على الذهب في أولمبياد لندن.. رغم صعوبة المنافسة الشرسة لأفضل فرسان العالم.

الأستاذ يعقوب الصالح تواجد اثناء الحوار برفقة نجله يوسف والذي وصف بطولة المئوية التي احتضنتها المدرسة الدولية بالبطولة الخالدة.

* الفارس سليمان العنبر قام بجهود كبيرة وفي مقدمتها تزويدنا بالصور الخاصة بالجواد سلطان.