السيارة نعمة من نعم الله، وأي نعمة فكم قضت من حاجة.. وكم أسعفت من مريض وكم أغاثت من ملهوف.. ناهيك عن الطاعات والقربات من سير إلى المساجد أو حج وعمرة أو بر والدين أو صلة رحم أو عيادة مريض.
ولقد أشار الله إلى هذه النعمة المتجددة أعني نعمة وسائل النقل.. قبل ألف وأربعمائة سنة فقال سبحانه كما في سورة النحل:
{وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إلا بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}.
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: ويخلق ما لا تعلمون مما يكون بعد نزول القرآن، من الأشياء التي يركبها الخلق في البر والبحر والجو، ويستعملونها في منافعهم ومصالحهم انتهى كلامه.
إنها نعمة عظيمة تستوجب شكرَ المنعم سبحانه وتسخيرَها فيما يحبه ويرضاه.
لكننا في هذا الزمان رأينا والله كيف يحوّل بعض الناس هذه النعمة إلى نقمة ورأينا الشباب وبالأرواح يغامرون وبالأبرياء يضحون وللأموال يبددون.
وإذا تحدثنا عن ظاهرة التفحيط والتهور بالسيارة فإننا نتحدث عن ظاهرة مرعبة لكنها عند بعض شبابنا مجرد لعبة.
شاب متهور يقوم بحركات قاتلة يصوب سيارته إلى مجموعة من الجماهير التي اصطفت يميناً وشمالاً.
وهناك مواقف وأوقات تزداد فيها ظاهرة التفحيط كالمباريات والتجمعات.. وأوقات الامتحانات حيث ينتشر الطلاب بعد الامتحان ما بين مفحط ومتفرج.
لقد فتن كثير من شبابنا بهذه الظاهرة فأصبحوا وللأسف يتفننون في أنواع الحركات المميتة من تربيع وتخميس وسلسلة واستفهام بل وحركة الموت التي يأتي فيها المتحدي من جهته بأقصى سرعة، ثم يقابل المتحدي الآخر وجهاً لوجه.. والجبان هو من ينحرف عن الآخر.
ظاهرة التفحيط كم أزهقت من روح وكم فجرت من جروح إنها مسرحية الانتحار فكيف يرضى العاقل أن يقتل نفسه أو يَشُلَّ جسده.
نقول لكل شاب: هذه أحوالهم فإن لم تتعظ وترتدع فزرهم فليس من رأى كمن سمع.
ومن أضرار التفحيط والتهور بالسيارة التعدي على الآخرين بإتلاف أرواحهم وتحطيم أبدانهم وترويعهم في طرقاتهم.
كم من رجال ونساء وأطفال أبرياء تحولوا إلى أشلاء بسبب تهور المفحطين.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}.