إن كلمة مثقف كلمة واسعة ليست متوقفة على الإلمام بالمعرفة في الجوانب الفكرية فحسب بل هي مرتبطة بجوانب معنوية وحسية واجتماعية وسياسية واقتصادية وسلوكية وبيئية ولا تقتصر الثقافة على نخب معينة بل حتى غير المتعلمة بإمكانها أن تتأثر في الثقافة وتكتسب منها بعض المهارات حتى الالتزام بالعادات والتقاليد هي ثقافة فمن هنا يأتي ربط الثقافة بجميع التشكيلات الأخرى التي تسهم في بناء الفكر الثقافي عند الإنسان الذي تنور بتأصيل مرتبط بقيمه وثوابته وأعطاه الحصانة التي تجعله صامداً مؤثراً وناقلاً لهذه الثقافة بين الأمم وحضارتنا العربية في الأندلس انطلقت من منظومة متكاملة وأعطت درساً للمعاني السامية للثقافة ومن خلالها أسس الغرب لثقافته التي توقفنا فيها عن ثقافتنا في الأندلس والتي تعود لأسباب كثيرة سياسية واستعمارية واستبدادية وأحياناً وجود دخلاء من أبناء جلدتنا تآمروا على ثقافتنا لوجود معتقدات فلسفية وأيدلوجية وهذا من أسباب غياب ثقافتنا وتخلفها (مكانك راوح) فلهذا لابد من مراجعة لثقافتنا ومعرفة أسباب تخلفها والتركيز على ماضينا وربطه بعصرنا الحاضر الذي فيه الكثير من المتغيرات الإيجابية والسلبية ولعل الجوانب الإيجابية كثيرة ومن أهمها وسائل تقنية المعلومات التي لها دور في تنمية الثقافة في مجمعاتنا العربية والتي أتت من ثقافة غيرنا الذين صنعوا هذا الثقافة وهذا يذكرنا بحضارتنا السالفة الذكر في الأندلس عندما أسهمنا في صناعتها فلهذا هنا ممكن توظيف الحكمة (الحكمة ضالة المؤمن) في البحث في الثقافات الأخرى والأخذ منها ما يتناسب مع احتياجاتنا ويتفق مع موروثنا الثقافي بطريقة إبداعية فالموهبة والإبداع يجب أن تكون حاضرة فنظرة على مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله (موهبة) على سبيل المثال أنجبت لدينا جيلاً واعداً واستعان بتقنية مستوردة وأنتج منها براءات اختراع من خلال الإبداع وتشغيل الذهنية العقلية عند الشباب وهذه البراءات حصلت عند طلاب في مراحل التعليم العام ومسجلة محلياً ودولياً وهذه الأعمال تصب في خانة الثقافة وخصوصاً في هذا العصر عصر العولمة والانفتاح الذي أصبح فيه العالم يتسابق إلى المعرفة وتسخيرها حسب ما يؤمن به من فلسفات ولكن لن يستطيع أحد أن يستحوذ عليها إلا من خلال الفكر العلمي الناضج الذي يستند على مقومات البحث العلمي الرشيد فثقافتنا العربية من خلال عقولها العربية قادرة بعون الله أن يكون لها حضور قويين الأمم لأنها تملك القيم الحضارية والأخلاقية المرتبطة بسلوك وحياة الإنسان والتي توفر له الطمأنينة والأمان والتسامح والحوار وخصوصاً في هذا الوقت الذي طغت فيه الثقافة المادية على الكثير من جوانب الحياة ولم توظف في مسارها الصحيح.